[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  إلا بعد العجز، وأصالة العفة لا يصح(١) مؤثراً في إثبات الأحكام، كما هو مذهبهم في الاستصحاب، وسيأتي في الدعاوى إن شاء الله تعالى.
  وفائدة الخلاف في ردِّ الشهادة ونحوه من أحكام الفسق هل يثبت من وقت القذف أو من وقت العجز؟
باب حدُّ الزاني
  هو حق لله تعالى محض، فصح دعواه حِسْبَةً، ولم يصح العفو عنه، وأقيم على الوالد بزناه(٢) بابنته، ولم يتكرر بتكرر الزنا قبل كمال الحد؛ لاتحاد المستحق.
  فرع: ووجه شرعيته الزجر عن ارتكاب سببه، وهو عند الأكثر قضاء الشهوة في مَحَلٍّ محرَّم شرعاً مشتهىً طبعاً من غير شبهة، فيدخل اللواط، فقيل: نصّاً؛ إذ هو زناً لقوله ÷: «إذا أتى الرجلُ الرجلَ فهما زانيان»(٣).
  وقيل: قياساً بعد تنقيح المناط(٤).
  وقال بعض أصحابنا وأبو حنيفة: إنه غير داخل، لا نصّاً؛ إذ لا يسمى زانياً في اللغة، والرسول ÷ لم يبعث لتعليم اللغة بل لتبليغ الأحكام، وإنما شبههما بالزانيين في كبر المعصية، فمن أين يفهم وجوب الحدِّ؟
  ولا قياساً؛ لجواز كون العلة ما يؤدي إليه الزنا من اختلاط الأنساب وفساد الفراش الذي هو هلاك العالم حكماً، وهو غير حاصل في الفرع.
  فرع: ولعظم المفسدة(٥) في سببه بُولِغَ فيه؛ ليحصل الانزجار وذلك بكمال
(١) في (ب، ج): «لا يصلح».
(٢) في (ب، ج): «لزناه».
(٣) الحديث عن أبي موسى الأشعري أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٧٤٩٠) وتمامه: «وإذا أتت المرأة المرأة فهما زانيتان».
(٤) تنقيح المناط: هو تهذيب العلة وتصفيتها بإلغاء ما لا يصلح للتعليل واعتبار الصالح له، ويكون تارة بحذف بعض الأوصاف لأنها لا تصلح، وتارة بزيادة بعض الأوصاف؛ لأنها صالحة للتعليل.
(٥) في (ب): «المعصية».