معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 196 - الجزء 1

  المصالحة، ولم يصح منهم إجازة وصية الميت قبله على أحد القولين كما مر.

  ولكون الاستغناء شرطاً كانت تركة المستغرق باقية على ملكه، فتجب زكاتها ويبنى على حوله، ولا يصح إبراء الورثة من الدَّين، ولا يصير فقيرهم بها غنيّاً، ونحو ذلك من الأحكام.

  فرع: ولما كان استغناء الميت شرطاً كان تصرف الورثة قبله وبعد السبب وهو الموت صحيحاً لكنه موقوف على الاستغناء ببراء أو نحوه، لا على إجازة الغرماء؛ إذ المانع حاجة الميت، وإنما ترتفع ببراءة ذمته، بخلاف تصرف المحجور بالدين، فإنه ينفذ بإجازتهم؛ إذ المانع هو نفس الحجر.

  فرع: ولسبق حاجة الميت قدم بيع التركة لقضاء دينه على الميراث، ولرعاية حق الوارث كان أولى بها بالقيمة، فيُنقَض له البيع ولو كان بأكثر، إلا إذا زاد الدين على التركة فليس للوارث النقض إلا بدفع الثمن إيثاراً لحاجة الميت.

  فرع: ولكون الموت سبباً لانتقال الملك إلى الورثة ضعفت أهلية الميت في ما له وعليه:

  أما الأول: فلا يتجدد له ملك إلا ما تفرع من التركة حيث هي باقية لضرورة حاجته كما تقدم، وذلك كالنتاج والغَلَّة وقيمة ما أتلف، وأجرة ما استعمل، وما اشتري له بشيء من التركة، ويدخل في ملكه أيضاً مطلقاً⁣(⁣١) ما حازه بعد موته كلو حفر حفيراً، أو نصب شبكة، أو أطلق⁣(⁣٢) كلباً ثم أمسك صيداً بعد موته.

  وأما ما يُصرف إليه من الزكاة ونحوها كلتكفينه⁣(⁣٣) وتجهيزه عند الحاجة، فقيل: يملكه للضرورة، وقيل: لا يملكه بل هو صرف في المصالح فإذا سُبِع الميت رجع إلى الورثة على القول الأول، وإلى أصله على الثاني.


(١) أي: سواء كان مستغرقًا أم لا.

(٢) في (ب): «أرسل».

(٣) في (ب، ج): «لتكفينه».