الضرب الثاني: الأفعال
  وأما الثاني: فلا يتجدد عليه دَيْن إلا ما كان أثر فِعْله كما إذا كان قد حفر بئراً أو نصب ميزاباً متعدياً ثم عَنِت به أحد بعد موته، ولذلك يغرم من تركته وتنقض له قسمة الورثة.
  فرع: ولما كان بقاء ملكه لتركته لضرورة حاجته بقيت الكتابة بعد موت المولى لحاجته إلى الثواب، وبعد موت العبد لحاجته إلى قطع أثر الكفر وحرِّيَّة أولاده؛ ولذلك قال بعض أصحابنا [والحنفية](١): تغسل الزوجةُ زوجها؛ لبقاء مالكيَّته التي هي حق له في العدة، ولا يغسلها لزوال مملوكيتها؛ إذ هي حق عليها لا لها، ولذلك لم يشرع عليه عدَّة، ولا يغسل واحد من السيد وأمته الآخرَ بعد موته؛ لعدم العدَّة، وكذا عندهم الزوجة غير المدخولة.
  وجمهور أصحابنا يجيزون لكل من الزوجين غسل الآخر بناء على أن للزوجة حقاً على الزوج، فيستصحب بعد الموت كما استصحب حقه فيها، لكنه حق تابع غير مقصود، فلم يشرع له عدة، بخلاف حقه، كما سيأتي إن شاء الله تعالى، ولأن العدة شرعت لصيانة الفراش كما سيأتي، فلم تشرع في حق الرجال؛ ولذلك يغسل كل من السيد وأمته الآخر عندنا مع عدم العدة. وأما غير المدخولة فلا نسلم عدم العدة كما سيأتي إن شاء الله تعالى، وإن لم يكن إلى اعتبارها حاجة كما ذكرنا.
  فرع: ولما كان الموت سبباً لانتقال المال لم يصح تصرف الميت عند جماعة من أصحابنا وغيرهم مستنداً(٢) إلى وقت غير متصل بالموت، نحو: بعد موتي بشهر أو بعد دفني؛ لخروجه عن ملكه، بخلاف أن يوصي بمنفعة داره لزيد شهراً بعد الموت ثم بعده لعمرو، فإنه يصح؛ لاتصال جملته بالموت.
  وقال جماعة: بل يصح كمن باع واستثنى شيئاً من المنافع بعد شهر.
  فرع: وما ذكرنا من اشتراط الاستغناء مبنيٌّ على أن انتقال مال الميت إلى
(١) ساقط من (ب، ج).
(٢) في (ج): «مسندًا».