معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 203 - الجزء 1

  فرع: ولمناسبة الصلة للقرابة كانت هي سبب العتق لا الملك كما ذكره أبو حنيفة، وإنما هو شرط فقط، وإنما كانت الرحامة موجبة لذلك⁣(⁣١)؛ لأن الشرع منع من ملك بُضْع الرحم بعقد النكاح، رفعاً لمنزلتها عن منزلة الأجانب، وتمليكاً لما يقتضيه مشروعية النكاح كما سيأتي إن شاء الله تعالى، فلا تملك بملك اليمين.

  فإن قيل: تملك رقبتُه دون بضعه كما يقوله المخالف.

  قلنا: فيه وجود الملزوم بدون لازمه، مع ما فيه من نقض الغرض؛ لعدم ملك البضع؛ إذ ملك الرقبة أعظم غضاضة منه.

  فرع: ولكون القرابة هي العلة لم يصح وقوع عتق القريب عن الكفارة؛ إذ لا تتصور مقارنة النية علة العتق، خلافاً لبعض الحنفية بناءً منهم على أن العلة هي الملك كما ذكرنا أولاً.

  ولكون العتق قويَّ النفوذ لكونه إسقاط حق عارض، كما مر تحقيقه، تثبت هذه الصلة بين مختلفي الملة وفي حق الصبي والمجنون، ولم يشترط فيها إيسار القريب.

[العقل]

  الرابع: العقل، وهي صلة توجبها القرابة على وجه النصرة، وفيها شائبة جزاء كونهم لم يأخذوا على يده مع كونه نصرة في المعنى، كما نبه عليه الشارع بقوله: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»⁣(⁣٢).

  ووجه شرعيته: أن القاتل خطأ لما سقط عنه القصاص رفعاً للحرج، وعُدل إلى بدله وهو المال حفظاً لدم المؤمن عن الضياع، كان أهلاً لأن ينصره أقاربه بما هو كبدل دمه.


(١) أي: للعتق.

(٢) أخرجه البخاري عن أنس بن مالك (٦٩٥٢)، وعن جابر بن عبدالله أخرجه مسلم (٢٥٨٤).