[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  فرع: فعلم أنها لا تحمل العاقلة إلا القدر الذي يصلح بدلاً عن القصاص وهو أرش الموضحة فما فوق، وكذلك الغرة وقيمة المملوك؛ إذ هما بدلُ نفسٍ وكذا أرش موضحة المملوك لما ذكرنا.
  فرع: وعلم أن أصل الوجوب على الجاني؛ إذ الجناية سبب الغرامة، ولكونه أصلاً ثبتت له أحكام، إذا أُبرِئ من الجناية قبل الحكم على العاقلة برئت، وإذا ثبتت الجناية بإقراره وحده كانت الدية كلها عليه، وإذا ادعى عليه الجناية وثبتت بالبينة لزم العاقلة من دون عكس.
  والرابع: أنه يَحْمِلُ ما بقي بعد حمل العاقلة، فإن حدث منهم أحد قبل الحكم عليه(١) حَمَلَ لا بعده.
  فرع: ولكون سبب حمل العاقلة أمراً راجعاً إليها وهو القرابة، كانت أصلية فيما لزمها من وجه، فلذلك إذا أُبْرِئَتْ منه برئ الجاني، وإذا تمردت لم يلزم الجاني على الأصح.
  فإن قيل: ما لزم العاقلة إن كان بطريق النقل كالحوالة لم تبرأ ببراء الجاني، وإن كان بطريق الضم كالضمانة لم يبرأ الجاني ببرائها.
  قلنا: لما كانت أصلاً من وجه دون وجه كما ذكرنا ثبت لها الحكمان.
  فرع: ولكون ما لزم العاقلة على وجه الصلة لم يثبت بين مختلفي الملة ولا لمتعمد الجناية؛ إذ في إعانته إغراء له، ولم يشترط لها الإيسار مبالغة في حفظ دم المسلم، لكن قد جعل التخفيف في قدر ما تحمله مع طول نجوم التأجيل عوضاً عنه، فنظر إلى الجهتين وفاء بالحقين.
  فرع: ولكون هذه الصلة على وجه النصرة لم تجب على الصبي والمرأة ولو كانت معتقة؛ إذ لا نصرة لهم، ولا على العبد؛ إذ لا يملك، والعبرة بوقت الحكم؛ إذ هو وقت استقرار الحق، ووجبت على الأعلى والأدنى الوارث وغيره؛
(١) في (ب): «عليها».