معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 208 - الجزء 1

  وبهذه الشبهة تثبت له أحكام وهي: الولاية المذكورة، وأنه لا يُقتَصُ منه بقتل الولد، ولا يَقْتص منه الولد بقتل أمه أو نحوها، ولا يُقطع بسرقة ماله، ولا يُحدُّ بوطء أمته، ويملكها بالاستيلاد، فيلحق نسب الولد، ويدخل العقر في قيمتها، بخلاف أمة الشريك؛ إذ لا شبهة في حصة شريكه.

  وأن الأصل في تصرفه الصلاح عند الأكثر، ويستحق الحضانة من بين سائر الرجال، ويثبت النسب بينهما بالدِّعوة، وتجب عليه نفقة الصغير ولو كان غنيّاً على الأصح، ولا تكون على حسب الميراث، ويصير غنياً بغنى أبيه ومسلماً بإسلامه، ولا تنقض الصغيرةُ عقدَ أبيها إذا بلغت، ولا تُوَفَّى مهر المثل حيث كان عقد على دونه، ويلحق في النسب به، فهذه ثمانية عشر حكماً.

  فرع: لما كان الجد أباً بواسطة ثبت له شبهة ملك ضعيفة، فيثبت له من هذه الأحكام الأربعةُ الأُوَلُ فقط، أما الولاية فللمحافظة على مصالح الصبي، وصيانة لها عن الضياع، مع أنه قد يتولى على الأب حيث عرض له جنون، فيجب أن يتولى على أولاده؛ إذ هم من توابعه.

  وأما سقوط القصاص والحدِّ فلكونهما يسقطان بالشبهة، وإنما لم يسقط الحدُّ بوطء أمة ابن الابن لعظم الفاحشة، فبولغ بالزجر عنها على ما مر.

  فرع: ولما كان المعنى الذي في الأب حاصلاً في الأمِّ لكن صفتها ناقصة بسبب الأنوثة الموجبة كون غيرها قَوَّاماً عليها، كما أشار إليه الشارع⁣(⁣١) - ثبت لها من هذه الأحكام ما أمكن حصوله في حقها، إلا أربعة وهي الولاية ووجوب النفقة، ومصيره غنياً بغناها، ولحوقه في النسب بها. أما الولاية فلكونها مما يُوَلَّى عليها، وأما غيرها فلقوَّة الجزئية [في الأب]⁣(⁣٢) على ما مر.

  فرع: وقد أثبت بعض أصحابنا لها ولايةً عند عدم الأب، فقيل: في أن تقبض له من الواجبات ونحوها ما يصلحه، وقيل: بل في ماله أيضاً كالأب لكن


(١) بنحو قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ...} الآية [النساء: ٣٤].

(٢) زيادة في (ب، ج).