الضرب الثاني: الأفعال
  على وجه الخلفية للضرورة.
  فرع: فعلم أن أصل الولاية على الصغير للأب، ثم الجد، وَوَصِيُّ كلٍ منهما يقوم مقامه؛ إذ هو نائبه، وعند عدمهم تنتقل الولاية إلى أهل الولايات العامة حفظاً لمصالح العباد وهم الإمام والحاكم.
  فرع: فعلم أن في الولاية حقاً للصغير، وسببه الصغر كما ذكرنا، وحقاً للولي وسببه أمر يرجع إليه، وهو الشبهة في الأب والجد ونَصْبُ الشارع في الإمام مثلاً.
  فرع: ولما كان ولاية الإمام والحاكم بسبب الولاية العامة التي شرعها الله تعالى لمصالح العباد، لا بسبب شبهة في المال على الحدِّ الذي ذكرنا في الأب والجد، لم يتعلق بهما شيء من الحقوق على وجهٍ يغرمان من مالهما، بخلاف الأربعة، فإنهم يغرمون حيث لا مال للصبي لكن لا يتعلق بوارثهم شيء، بخلاف الوكيل، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى، إلا الوصي فإنه كالوكيل في ذلك؛ لأن فيه شائبة وكالة، وإن كان حكمه حكم الولي في العمل بمذهبه وبما فيه مصلحة، وإن لم يتناوله لفظ الموصي، بخلاف الوكيل، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  فرع: ولما شرعت الولاية لمصلحة الصبي وصيانة حقوقه عن الضياع، اشترط في الولي الأمانة، فينعزل بحدوث الخيانة؛ لانتفاء المقصود بشرعيتها، وأما السلامة من الفسق فغير مشترط عند الأكثر في الأب والجد؛ لحصول المقصود بدونه، وكذا في نائبهما عند جماعة؛ لذلك.
  وأما الإمام والحاكم فإنما اشترط فيهما ذلك للخلافة عن الشارع وتحمل عَهْدِه، كما أشار إليه الشارع في قوله: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ١٢٤}[البقرة].
  فرع: وإذا زال ما أوجب عزل المتولي من خيانة أو فسق حيث ينعزل به، ففي الأب والجد تعود الولاية؛ لأن سببها أمر مستمر وهو الصغر من جهة الصغير، والشبهة المذكورة من قِبَلِهما والمستمر كالمجدد(١)، وكذا وصيَّاهما على قولٍ؛ للنيابة
(١) في (ب، ج): «كالمتجدد».