الضرب الثاني: الأفعال
  ما هي فيه، ممن يرى أنها تعلق بالعين، وبيع ما يملكه ببيع رباً مذهبُه جوازُه ممن مذهبه منعه، فهذا كله جائز كما يجوز لنا أن نشتري من الكافر ما فيه الزكاة عندنا؛ إذ ليس مخاطباً بأدائها، كما أن البائع فيما ذكرنا غير مخاطَبٍ بوجوبها، فإن كان مذهب المعطي هو المنع ومذهب الآخذ الجواز، حرُم عليه كشراء من يرى عدمَ الزكاة ممن يرى وجوبَها في العين، وكذا مسألة الربا، والوجه ظاهر.
  فرع: ومن هذا نكاحُ ناصريٍّ امرأةً طلَّقها زوجُها طلاقَ بدعةٍ ومذهبُهما(١) وقوعُه، فإن كان المطلِّق ناصريّاً حرُم عليه أختها ونحوها(٢) وجاز لها أن تتزوج غيره.
  ومثله نكاح امرأة قد انقضت عدتها في مذهبها، لا في مذهب الزوج المستنكح.
  فإن قيل: فيلزم صحة نكاح الحنفي امرأة شافعية رضيعة له من رضاع محرم عنده لا عندها؛ إذ كونها رضيعة له وصفاً نسبياً.
  قلنا: كونها رضيعة له يستلزم كونه رضيعاً لها، فحمل الوصف في الطرفين معاً، فيكون محرَّماً فيهما معاً، ومثل ذلك من طلق زوجته ثلاثاً وهو يرى وقوعها دونها.
  فإن قيل: إذا كان مذهب الزوجة أن الذي رأته من الدم ليس حيضاً، أو أن النية غير شرط في الغسل، أو أن الماء مطهر، ومذهب الزوج خلاف ذلك، فالظاهر أن هذا من القسم الأول؛ لأن الجنابة حكم مستقر كالنجاسة، فيلزم أن يحرم على الزوج وطؤها، وأن يعطيها مصحفاً، وكذا يحرم على الغير حيث مذهبه خلاف مذهبها أن يلقنها القرآن، ويعطيها مصحفاً، وأن يأمرها بالصلاة مع أن مذهبها وجوبها عليها.
  قلنا: جنابة الزوجة وإن كانت وصفاً مستقرّاً فأحكامها راجعة إليها من منع
(١) في (ج): «مذهبها».
(٢) الخامسة.