معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 225 - الجزء 1

  فرع: ولكونهما بمثابة قول⁣(⁣١) واحد اشترط كمال كل من المتعاقدين حالهما معاً، فلو أوجب وهو مجنون، ثم وقع القبول بعد الإفاقة أو العكس، لم يصح، وكذا لو باع كافر من آخر خمراً، ثم أسلم قبل القبول، أو أنكح المسلم ابنته من الكافر ثم أسلم، وقَبِلَ، وكذا لو وقع القبول بعد موت الموجب أو جنونه.

  فرع: فأما لو باع من عبد محجور، ثم عتق وقَبِلَ في الحال نفذ؛ لأن الحجر مانع لا معدم للأهلية كما مر، وكذا لو باع المحجور للدين، ثم قَبِلَ الآخر بعد رفع الحجر في الحال.

  فأما لو باع ثم حجر عليه قبل القبول لم ينفذ؛ لمصير الإيجاب بالحجر موقوفاً كما لو حجر على المالك بعد بيع الفضولي وقَبْل الإجازة.

  فرع: فلو باع مجهول النسب، أو استنكح، ثم أقرَّ قبل قبول المشتري والمنكح: أنه مملوك للغير، لم ينفذ العقد، وكذا فيمن باع ثم أقرّ قبل القبول: أن المبيع حر أو ملك لغيره، لكنه يبطل في الأولى.

  فرع: ولاتحادهما حكماً اشترط لهما اتحاد المجلس، قيل: والمراد به موضع سماع القابل وقبوله، وحَدُّه موضعُ التخاطب المعتاد، ولا عبرة بموضع إيجاب الموجب، كما لا يشترط سماعه للقبول، ولا بقاؤه في المجلس، ولا عدم إعراضه.

  مسألة: قد يتضمن الإيجاب الواحد إيجابات كثيرة، وله صورتان:

  إحداهما: أن لا يكون بعضها معلقاً ببعض، نحو: بعت منك دابتي، وأجَّرت منك داري، وزوجتك ابنتي، فهذه كالإيجاب الواحد في صحة رجوع الموجب عنها قبل القبول، وصحة ردِّ القابل لها، وقبولها بلفظ واحد.

  فرع: فأما تبعيضها في الرجوع أو الرد أو القبول فإنه يوجب جهالة في عوض المقبول، فإن كان مما يحتملها كالنكاح والخلع ونحوهما صحَّ، وإلا كان العقد فيه فاسداً⁣(⁣٢)، وفيما سواه باطلاً، فإن رجع عن الجميع وفيه خلع بقي


(١) في (ب، ج): «سبباً واحداً».

(٢) لعله يريد في المقبول أي: يكون العقد فيما لا يقبل الجهالة فاسداً في المقبول وباطلاً في المردود أو المرجوع عنه. هامش (ب، ج).