الضرب الثاني: الأفعال
  فصلها قبل ملك الشفيع(١)؛ إذ هي نماء ملكه، ولا ضمان عليه باستهلاك المبيع؛ إذ لم يُفَوِّت على الشفيع إلا حقاً غير مضمون، ولذلك لو رجع شهودُ إسقاطها بعد الحكم به(٢) لم يضمنوا شيئاً.
  فرع: ولكون الشفيع من المشتري في منزلة المشتري من البائع، قال بعض أصحابنا: إذا ملكه الشفيع قبل قبض المشتري كان فسخاً لا نقلاً من ملك المشتري؛ إذ لا يصح تصرفه قبل القبض.
  وقد يقال: لو كانت فسخاً لعقد البيع لبطلت الشفعة؛ إذ لا بد من استنادها إلى عقد صحيح على ما مر.
  وكذا قولُ بعض أصحابنا: إنها قبل قبض المبيع والثمن معاً فسخٌ اتفاقاً، ليس على ظاهره لما ذكرنا بل في جنبة الثمن فقط، بمعنى أن البائع لا يطالب المشترى فيه بل يملك ما قبضه من الشفيع.
  وتحقيق الكلام في ذلك: أن الشفيع يملك المبيع بطريق الخَلَفية عن المشتري، حتى كأنه المشتري، فسببُ ملكه عقد البيع بعد ثبوت الخَلَفية، فلا فسخ في التحقيق، بل الشفعة تقرير للعقد في كل الأحوال، ولا نقل في التحقيق؛ لثبوت الخَلَفية، وبهذا يُعلم أن ما قبضه البائع من الشفيع قبل الاستيفاء من المشتري، فهو له؛ إذ كأنه قبضَه منه، لا بعده، فهو كالوكيل.
  فرع: وللخلفية المذكورة كانت فوائد المبيع الحادثة بعد العقد المنفصلة عن المبيع وقت ملك الشفيع للمشتري، وإن لم يقبض المبيعَ أصلاً؛ لأن قبض المشتري(٣) قبضٌ له، فلم يكن استهلاكه بالشفعة قبل القبض كتلفه قبل القبض.
(١) في (ب): «المشتري».
(٢) أي: بالإسقاط.
(٣) في (ب، ج): «الشفيع».