الضرب الثاني: الأفعال
  فرع: وعلم من كون المبيع في الضرب الثاني هو نفس المنافع ولم يقم شيء مقامها، أنها إذا تلفت قبل قبض مالك العين، لم يستحق الأجير أجرة؛ إذ هو كتلف المبيع قبل قبضه، وكذا إذا عملها الغير، لا عنه.
  وأن له أن يستنيب في العمل من يقوم مقامه، ولو المستأجِر نفسه، عند جماعة؛ إذ المقصود تحصيلها، سواء كان الثاني متبرعاً أو أجيراً، ولو بدون أجرة الأول، فيطيب للأول الزائد؛ لأنه في مقابلة ضمان العين، وأن استحقاق العمل يورث عنه، ولورثته العمل.
  وأنها ثابتة في ذمة الأجير، فيصح أن يُبْريَه المستأجِر منها، فيستحق الأجير الأجرة كما لو عمل عنه تبرعاً؛ إذ الإبراء كالقبض؛ لأنه بإسقاطها كالمستوفي لها.
  فرع: ولما كان الأجير الخاص من الضرب الأول استقرت الأجرة بمضي المدة مع التمكن، ولم يكن للأجير أن يؤجر نفسه من آخر خاصاً؛ لأن منافعه قد صارت مملوكة للأول. وأما مشتركاً فيصح حيث كان في غير المنافع التي شملها العقد الأول، وهي المعتادة نوعاً ووقتاً.
  فرع: فإن عمل للغير عملاً استهلك به بعض منافع الأول كانت إجارة(١) فاسدة، فيستحق أجرة المثل، وانفسخت إجارة الأول في قدرها، ولا تكون الأجرة للأول، كما قاله بعضهم، وكذا حيث أكرهه الغير على العمل؛ لأن المنافع تلفت قبل القبض من مال البائع، وإلا لزم أن تلزمه قيمتُها حيث فَوَّتها بترك العمل أو بالعمل للغير تبرعاً، وكان يلزم ذلك أيضاً لحبسه(٢) الغير، وبهذا فارق العين المؤجَّرة، ولهذه العلة لم يكن للمستأجِر أن يؤجره لمثلٍ وبمثلٍ؛ لأن منافعه تحت يده إلا إذا كان عبداً فحكمه حكم العين المؤجرة في جميع ذلك.
  والفارق بينهما أن الحرَّ في يد نفسه، فلم يكن قبضه خَلَفاً عن قبض المنافع، كما
(١) في (ب، ج): «إجارته».
(٢) في (ج): «لو حبسه».