معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 273 - الجزء 1

  فرع: فإن أخذ أحدُ الشريكين منفعةَ العين والآخرُ نماها، كناقةٍ أخذ أحدُ الشريكين ظهرها والآخر دَرَّها، لم تصح كما لا تصح إجارة البقرة للدَرِّ، وكذا شاة لأحدهما صوفها وللآخر دَرُّها، وكذا إذا اقتسما الدَرَّ بالمنَاوَبَة؛ إذ القسمة في جميع ذلك بيع معدوم.

  فرع: فإن جعلا لأحدهما منفعة العين المشتركة وللآخر ذاتها، فلا بد من ذكر مدةٍ معلومةٍ، ولفظ الإجارة، أو ما في حكمه، نحو: استأجرت منك نصيبك في هذه العين سنةً بالنصيب الذي لي مستثنى منافعُه تلك السنة، فيكون حكم النصيب الأول حكم المؤجَّر، وحكم الثاني حكم المبيع.

  فرع: وإنما تجب قسمة منافع العين بالمهايأة كما ذكرنا، إذا تعذر انتفاع الشريكين من دون قسمة، لا إذا أمكن كالطريق والجدار للحمل عليه، والبئر الماء يُستقى منها وبئر الخلاء في الدار المشتركة.

  وقد أجاز بعض أصحابنا في شريك الدار أن يستعمل قدر نصيبه، وكذلك الأرض المشتركة؛ لأنه يمكن الشريك الانتفاع، فأشبه الجدار والطريق.

  قال: فأما زرع الأرض وبناء العرصة فلا؛ لأنه يمنع من القسمة في الحال إذا طلبها الآخر.

  فرع: وقد تنقلب القسمة بيعاً أو إجارة أو مجموعهما، فيشترط في كل شرائطه، وذلك في مسائل:

  منها: أن يقع لفظُ تمليكٍ مذكورٍ فيه البدلان قبل القرعة لا بعدها فلا حكم له فإن كان ذلك في قسمة الأعيان كان بيعاً، أو المنافع فإجارة، أو فيهما فبيعٌ وإجارةٌ.

  ومنها: أن يزاد في قسمة الأعيان مالاً من غير المشترك فذلك بيع، فيشترط فيه العقد؛ إذ لا يلزم تلك الزيادة إلَّا به، وإن كانت الزيادة منفعة كخياطة قميص أو سكنى دار كان بيعاً وإجارة، وإن كانت الزيادة في قسمة المنافع كانت إجارة سواء كان المزيد عيناً أو منفعة، ولم تلزم تلك الزيادة إلا بالعقد.