معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 280 - الجزء 1

  فرع: وإنما حرمت الأمة على الحرة ولو رضيت، وحرمت على الحرِّ إلا لضرورة رعاية لحق الله تعالى، إما لكون الأمة مظنة عدم التحصين، فلم يَجُزْ إلا لتعذر غيرها، أو لما فيه من إرقاق النسل، فلا يكمل المقصود من شرعية النكاح.

  فرع: ولتعلق حق الله بجنبة البضع كان استيفاؤه موجباً للعوض، الذي هو المهر، ولو لم يذكر في العقد، أو اشترط عدمه كما في مسألة المفوِّضة⁣(⁣١)، والبضع في هذه الصورة بالنظر إلى المهر يشبه المبيع فاسداً في لزوم القيمة بالقبض مستنداً إلى العقد، وهي مهر المثل، فيلزم بالوطء؛ لأنه كالاستهلاك، وكذا بالخلوة الصحيحة عند بعض⁣(⁣٢) أصحابنا، بخلاف تخلية المبيع؛ لأن في الخلوة شبهة القبض؛ لأنها حلَّت بالعقد، وكانت قبله محرَّمة، بخلاف التخلية⁣(⁣٣) فعلم أن الوطء قبض فيه شبهة استهلاك، والخلوة تخلية فيها شبهة القبض، وأما البضع نفسه فالعقد فيه صحيح يحصل به الملك التام.

  فرع: ولكون المهر هنا يملك بالدخول فقط، لا يصح إبراء الزوجة منه قبله، ولا شيء على الزوج حيث طلقها قبله، ولا يثبت قبله شيء من أحكام الملك، من مصيرها به غَنِيَّة، ووجوب الزكاة، واستحقاق المطالبة.

  فرع: ولاستناده إلى العقد لو زوَّج أمته بغير تسمية ثم باعها أو أعتقها، ثم دخل بها الزوج، فإن المهر للبائع؛ لاستناده إلى عقده، خلافاً لبعض أصحابنا.


(١) قال في هامش (ب، ج) ما لفظه: سميت بذلك من التفويض وهو التسليم وترك المنازعة مستعمل في النكاح بلا مهر أو على أن لا مهر لها لكن المفوضة التي أنكحت نفسها بلا مهر لا تصلح محلاً للخلاف بين أبي حنيفة والشافعي؛ لأن نكاحها غير منعقد عند الشافعي بل المراد المفوضة هي التي أذنت لوليها أن يزوجها بلا مهر، وكذا الأمة إذ ازوجها سيدها بلا مهر فعند الشافعي لا يجب لها المهر عند الموت وعند أكثرهم يجب المهر إذا دخل بها وعند الحنفية يجب كمال مهر المثل إذا دخل بها أو مات أحدهما. (من حاشية سعد الدين على التنقيح ومن شرح التنقيح). اهـ

(٢) هو المنصور بالله عبدالله بن حمزة. حاشية على (أ).

(٣) في (ب): «في المبيع».