معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 285 - الجزء 1

  المبيع أو بالخلوة الصحيحة لتنزلها⁣(⁣١) منزلة التخلية الصحيحة للمبيع، ولذلك لم تُفِد الخلوة في العقد الفاسد كما في البيع الفاسد.

  فرع: ولشبه المهر بالثمن كان لها أن تمنع نفسها حتى تقبضه، كما أن للبائع إمساك المبيع حتى يقبض الثمن، وإن مكنت من نفسها قبل قبضه لم يكن لها الامتناع بعده؛ إذ أسقطت حقها كما أن البائع ليس له استرجاع المبيع لقبض الثمن بعد التسليم.

  وإن منعت نفسها حتى قبضته، ثم استُحِق كان لها المنع، كما في المبيع، لا إن سلَّمت نفسها بشرط التعجيل فليس لها الامتناع، بخلاف المبيع؛ لأن في الوطء شبهة الاستهلاك، كما تقدم؛ ولذلك وجب المهر بالوطء غلطاً، وفي نكاح باطل جهلاً، ولذلك لو كان المهر سلعة معينة، فسلمت نفسها قبل قبضها، لم يكن لها المنع بخلاف البيع.

  فرع: ولكون الوطء كالقبض اشترط لصحة الخلوة عدم المانع منه، كما اشترط لصحة التخلية عدم المانع من القبض، فالخلوة بالرتقاء والمجذومة ونحوهما كتخلية المبيع معيباً، ومع صيام أحدهما فرضاً أو إحرامه أو كونه في مسجد كتخلية المبيع مع تعلق حق الغير به.

  ومع صغرها كتخلية المبيع غير متمكن من قبضه لمانع فيه كالفرس النفور، ومع صغره كتسليم الدار مقفلة ولا مفتاح لها.

  فإن قيل: إذا كان المانع من جهته، وهو مما لا يزول عادة كالجنون المطبق والجذام والجَبِّ، فقد قالوا: إن الخلوة صحيحة مع عدم إمكان الوطء.

  قلنا: لما لم يكن المانع هنا من جهتهما⁣(⁣٢) وليس له وقت زوال فينتظر، وكان البضع مستقراً في ملك الزوج، حكم لها باستقرار المهر؛ لئلا يستقر البدلان في


(١) في (ب، ج): «لتنزيلها».

(٢) في (ب، ج): «جهتها».