الضرب الثاني: الأفعال
  وصح جعله حَمْلَ أمته، والعبرة بالانكشاف. بخلاف النكاح في هذه الأحكام.
  فرع: ولما كان العِوض هنا في مقابلة إسقاط حق كان مخالفاً للقياس؛ إذ لا يصح أخذ العوض على إسقاط الحقوق كالشفعة والخيار ونحوهما. لكن لما كان البضع شبيها بالمبيع في النكاح كان الخلع كالفسخ.
  بل قد ذهب كثيرون إلى أنه فسخ حقيقي، ولذلك لم يصح أن يجعل عوضه أكثر مما لزم بعقد النكاح عند جماعة، وخالفهم آخرون، فجعلوه كبيع المشتري للسلعة من بائعها؛ ولذلك شبَّهه الشارع بالفِداء، كأنها أزالت الملكَ الطارئ بما بذلته من العوض، فعاد الملك الأصلي فأشبه الملك الجديد. كما أشار إليه الشارع(١) في نظيره.
  فرع: فلو خالع سيدُ الأمة زوجها على رقبتها، ملكها الزوج، ووقع الطلاق مقارناً للملك. ثم الفسخ والترتب ذِهنيٌّ فقط، كما تقدم؛ لصحة اجتماع الطلاق والفسخ كما مر في نظائره.
  فرع: ولما كانت في يد الزوج أسيرةً كما نبه عليه الشارع شبيهة بالمملوكة، لم يُؤمَن أن يُضارها في المعاشرة؛ لتستفدي نفسها بالمال، فحرَّم الشارع أخذ العوض على الطلاق إلا مع ظهور نشوزها، وعدم إقامتها لحدود الله كما أشار إليه؛ إذ يُعلَم حينئذ كونُه بطيبةٍ من نفسها مع كونها حينئذ أهلاً للعقوبة، فأشبهت الغاصب حيث يدفع قيمة العين المغصوبة عند تعذر ردها؛ ولذلك إذا كان العوض من غيرها لم يشترط نشوزها على الأصح، وقال جماعة: يصح أخذ العوض منها من غير نشوز مع التراضي كسائر المعاوضات.
  فرع: ولما كان إسقاط الحق في الخلع في مقابلة عوض عقداً كان أو شرطاً أوجب البينونة؛ ولذلك إذا بطل العوض أو كان غير مال، صار رجعياً. ونعني كونه بائناً أن حكمه غير متراخ عنه. بخلاف الرجعي، فإنه موقوف على انقضاء العدة، فالملك فيها باقٍ؛ فلذلك يتوارثان فيها.
(١) لعله يريد بالنظير كالإقالة وفسخ المبيع ونحو ذلك.