معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 328 - الجزء 1

  إشارة إليه، فإذا نذر برقبة العبد لم يكن له بعد ذلك أن ينذر بخدمته على آخر؛ إذ ليس له أن يُوجبَ في رقبته حقاً بعد النذر الأول. بخلاف الوصية؛ لصحة الرجوع فيها إلا أن يستثنيها من النذر الأول، فحينئذ تكون الرقبة لشخص والمنفعة لآخر.

  فرع: وليس لمالك الرقبة أن يتصرف فيها تصرفاً يُبطل المنفعة أو يُنقصها كالعتق، فإن فعل أثم، ولذلك لا تجزئ عن كفارة؛ إذ هو معصية، ويلزمه لصاحب المنفعة ما بين القيمتين؛ لتفويته ذلك الحق الذي هو سبب ملك المنافع.

  وقال بعضهم: بل يبقى ملكها؛ إذ قد تُملك منافع الحر.

  وقيل: بل يضمن قيمتها شيئاً فشيئاً، وهو ضعيف؛ لأنها تلفت دَفْعةً بتلف سببها، وهو ذلك الحق المتعلق بالرقبة، وهذا بخلاف ما لو غَصَبَه غاصب فإنه يضمن قيمة المنافع شيئاً فشيئاً؛ لبقاء الحق في الرقبة، وبخلاف ما لو نذر بالرقبة فإنه يبقى ملك المنافع اتفاقاً؛ لبقاء الحق الذي يثبت⁣(⁣١) في الأصل تبعاً للرق وهو باق.

  فرع: ولا يصح من مالك الرقبة بيعُها إلا إذا كان ملك المنافع مؤقَّتاً كالمؤجَّر، كما لا يصح أن يبيعه ويستثني منافعه أبداً، ولا هِبَتُها؛ لذلك، ولا رهنها؛ إذ الرهن طليعة البيع، ولا وَقْفُها ولا تأجيرُها ولا إعارتُها ويصح منه كتابتها وتدبيرها وعتقها على مال والنذر والإيصاء بها.

  فرع: فإن قتله قاتل فالقياس يقتضي أن يكون لمالك المنفعة من قيمته ما بين القيمتين، لكن ذكر أصحابنا: أنه لا شيء له، كأنه فَوَّتَ عليه حقاً غير متقوَّم كحق القصاص.

  وذهب جماعة: إلى أنه يشتري بها عبداً آخر مكان الأول، والظاهر الأول، ولذلك يتقوَّم في الغصب اتفاقاً، وحيث زاد على الثلث نحو: أن يوصي بخدمة


(١) في (ب، ج): «ثبت».