الضرب الثاني: الأفعال
  فرع: فعلم بذلك بطلان مذهب أبي حنيفة أنه يصح رفع بعض الملك مع بقاء الرق كاملاً فيصير مُعْتَقُ البعض بمنزلة المكاتَب عنده(١).
  وعلم أن معنى السراية: أن يرتفع ملك البعض [أولاً بالإيقاع، ثم كل الرق بارتفاع ملك البعض](٢) ثم ملك البعض الآخر بارتفاع الرق، والترتيب ذهنيٌّ فقط، كما في سائر العِلَلِ الشرعية وأحكامِها، على ما مرَّ مِرَاراً.
  فرع: فلو قال أحد الشريكين للآخر: متى عتَق نصيبك فنصيبي حُرٌّ ثم نَجَّزَ الآخر عِتْق نصيبه عَتق به الكل، وضمن لشريكه كما ذكره بعض أصحابنا؛ لتقدم الشرط على المشروط كما عُرِفَ، وكذا يأتي لو قال: متى أعتقت نصيبك؛ لأن العلل الشرعية مقارِنَة.
  فإن قال: نصيبي حرٌّ حال بَيْعِ نصيبِك تمانع البيع والعتق، ويحتمل أن يقع العتق؛ لقوة نفوذه، كما مر في تعارضهما.
  فرع: ولما كان عتق البعض مستلزِماً لعتق الكل، كما ذكرنا، كان الشريك جانياً على حصة شركائه، فلذلك يضمن قيمتها، ويكون غاصباً بالإعتاق، فالقياس أن لا يُجْزِئ عن الكفارة؛ للتنافي بين الطاعة والمعصية، وأن لا يصح التوكيل به إلا للشريك؛ لانتفاء المعصية حينئذ، وأن لا يصح النذر بل يلزم به الكفارة فقط حيث نذر به على وجه يكون معصية، وقد ذكر المسألة بعض أصحابنا أعني: كونه معصية، وقال بعضهم: ليس بمعصية.
  فرع: وإنما كان إعتاقه معصية وإن كان تصرفاً في ملكه؛ لأن الشريك ممنوع أن يفعل في ملكه ما يَضُر حصة شريكه، فكيف ما يستهلكها!، كالشريكين في جَمَلٍ للحمل عليه، ليس لأحدهما أن يذبحه لينتفع بحصته لحماً، ولذلك قال بعض أصحابنا: ليس لأحد الشريكين في حيوان وغيره أن يعدل عن المنفعة التي
(١) في (ب): «عبده».
(٢) ساقط من (ج).