معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 337 - الجزء 1

  وللأمر الثاني كان لسيده استخدامه وتأجيره ووطء المدبرة وإنكاحها ولو كرهت، وكان له عتقه على مال عقداً أو شرطاً، ومكاتبته على الأصح، وكذا عتقه عن كفارة؛ لأن هذا كله تصرف في الملك وهو تام، بخلاف البيع ونحوه، لأنه وإن كان تصرفاً في الملك فهو مستلزم لتمام الرق كما ذكرنا أولاً.

  فرع: ولتمام الملك كان حكمه في الجناية منه وعليه حكم المملوك إلا أن السيد ليس له تسليمه بجنايته إلا إذا كان معسراً بل يجب عليه الأرش إلى قدر قيمته فقط.

  فرع: ولكون التدبير نقصان رق كان استهلاكاً لحصة الشريك كالعتق فيضمن قيمتها، قيل: ولو كان معسراً؛ إذ لا يتصور من المملوك سعاية.

  وله أن يبيعه حينئذ في الضمان كلسائر⁣(⁣١) الديون، ويستبد بثمنه.

  فرع: وإذا دَبَّرَ كل من الشريكين حصته فالحكم للأول، فإن التبس وهو نصفان كان مدبراً لهما معاً ولا ضمان على أيهما لتساقط الحصتين [مع استواء الملك]⁣(⁣٢)، ولا يعتق إلا بموت الآخر منهما رجوعاً إلى الأصل.

  وإن كان أثلاثاً كان مدبراً لهما؛ لأنه التبس مَن الحق له، فيقسم بينهما على سواء، ولذي الثلثين قيمة سدس على العبد منها ما بين قيمته مدبراً وغيرَ مدبَّرٍ يسعى فيه إذا عتق، وعلى ذي الثلث الباقي؛ لأنه في مقابلة السدس الصائر إليه، بخلاف ما لو أعتق كل منهما نصيبه، والتبس المتقدم، فإن قيمة السدس كلها على العبد بالسعاية.

  فرع: فإن أعتق أحدهما ودبَّر الآخر، والتبس المتقدم، فحكم التدبير متيقن؛ لأنه كالجزء من العتق، والأصل عدم سقوط المنافع، فيبقى للمدبَّر منافعُ حصته، ولا يعتق إلا بموته عملاً بالأصل؛ لأن الأصل صحة تصرفه بالنسبة إلى حصته وعدم الضمان لشريكه؛ لعدم تيقن الجناية على حصته، والأصل عدمها،


(١) في (ب): «كسائر».

(٢) ساقط من (ب) و (ج).