معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 352 - الجزء 1

  حيث أذن الأخير⁣(⁣١).

  فرع: ولكونه شرطاً في البقاء ارتفعت الرهنية بزواله، كما إذا طرأ الشياع، أو حالَ الكفارُ دونَ الدارِ المرهونة، ثم استولوا عليها، أو أخربوها.

  وإنما سقط الضمان هنا؛ لأنه وقع التلف بعد ارتفاع الرهنية، وكذا لو كانوا بُغَاةً إلا أنها تعود الرهنية بِعَوْدِها في يده؛ إذ لا يملكون علينا، ومثل ذلك الأرض التي غلب عليها الماء حتى بطل نفعها عند الحنفية وبعض أصحابنا، والصحيح الضمان هنا؛ لأنها تلفت تحت يده.

  فرع: ولكون الحق غير مستقل لم يكن للمرتهن نقله إلى غيره بنذرٍ أو غيره، ولم يكن له أن يرهنه من غيره، فإن فعل بغير إذن المالك عُدَّ متعدياً، وبطلت الرهنية لا الضمان، فكان للمالك انتزاعُه من الغير، وبإذنه يكون رهناً مع الثاني، فكأنه فَسَخَ العقدَ الأول، واستعاره ليرهنه.

  فرع: ولتعلق حق المرتهن بعين الرهن صار حكم فوائده كلها الأصلية والفرعية حكمه في الرهنية والضمان ولو قبل قبضها؛ لأن قبض أصلها قبضٌ لها؛ لأنها من عينه، لا ما اكتسبه العبد بهبة أو إحياء أو نحوهما، فهو لسيده.

  فرع: فإن استعمله أحدهما أو غاصب غيرهما لزمت الأجرة رهناً، وللمالك مطالبة الغاصب والمرتهن؛ لأنها في ضمانه حيث غُصِبَ من يده.

  فإن كان المرتهن أعطاه الغاصب غارّاً له، فكذلك؛ لكن يرجع الغاصب على المرتهن حيث لم يستعمل، فإن طلبها الراهن من المرتهن ساقطت الدَّيْن إن كانت من جنسه وإلا كانت رهناً.

  فرع: فإن غصبه الراهن من يد المرتهن فلا أجرة إن لم يستعمل؛ إذ هو ملكه وكذا إذا أعطاه غيرَه ولم يستعمل. بخلاف ما إذا استعمل أو كان⁣(⁣٢) غاصباً،


(١) في (ب، ج): «الآخر».

(٢) أي: الغير.