معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 354 - الجزء 1

باب الضمانة

  هي التزامٌ بعينِ ما في ذمةٍ أخرى فهي ضمُّ ذمَّة إلى ذمَّة، شُرعت للتعاون والمحافظة على الحقوق.

  فرع: فلكونها التزاماً صحت معلَّقة ومؤقتة، وبطلت بالرد، وصحت من المحجور ويُطالَبُ بعد الفكِّ، ومن العبد غير المأذون ويُطالَبُ بعد العتق، وصحت تبرعاً وبالمجهول لا للمجهول.

  فرع: فإذا ضمن العبدُ المأذونُ على سيده، صح ودفع عنه مما في يده، ورجع عليه في الحال حيث هو مستغرق؛ لأن له حقاً وهو تخليص ذمته بما ثبت فيها بإذن سيده، وهذا⁣(⁣١) إذا ضمن بإذنه سواء كان مأذوناً في المعاملات أو محجوراً.

  وإذا ضمن السيد على عبده بدَيْنِ معاملةٍ أو جناية، لزمه في الحال ولم يجب على أهل الدَّين قبول العبد حيث أراد تسليمه، وبدَيْنِ ذمةٍ لم يلزمه إلا بعد العتق؛ إذ هو كالمؤجل، وقيل: بل يلزمه في الحال؛ إذ هو كالضمان على المعسر، وكذا إذا ضمن على العبد أجنبي بدَيْنِ ذمةٍ.

  فرع: ولكونها التزاماً لم يصح من الصبي ونحوه ولو مأذوناً ولا من وليِّه عنه؛ إذ هي تبرع كالنذر، ولذلك لم تلحقها الإجازة، ولم يصح الرجوع عنها حيث كانت معلقة قبل وقوع الشرط بعد ثبوت الحق.

  وإنما صح التوكيل بها لأنها نوع تصرف في الذمة، بخلاف اليمين والنذر؛ لشائبة القربة فيهما، ولذلك لم يصحا من الكافر، بخلاف الضمانة.

  فرع: ولكونها بعين ما في ذمة أخرى سقط الحق بالاستيفاء من أحدهما، وكان لصاحبه مطالبة أيِّهما شاء، وكان الواجب على الفرع بصفة الواجب على الأصل من تأجيل أو غيره.

  وإنما يستحق الرجوع على الأصل حيث ضمن أو دفع بإذنه؛ إذ هو حينئذ


(١) في (ج): «وكذا» تظنينًا.