معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 360 - الجزء 1

  كالمعاملات والجهاد.

  فرع: ولكون سبب أهليته العداوة في الدين لم يصح قبلها فلو أمّن كافر أو صبي حربياً ثم أسلم أو بلغ المُؤَمِّن لم يثبت له حكم، فلو أجاز أمانهما مسلمٌ صح ولو بعد رجوعهما؛ لأن الإجازة نفسها أمان، لا أن الأمان تلحقه الإجازة.

  فرع: ولما شرع إمهالاً لم يصح لمن يُخَافُ ضرره كالمتجسس ومن يريد المكر؛ إذ ليس أهلاً للإمهال.

  ولما شرع إظهاراً لشوكة الإسلام لم يصح من المسلم حيث لا شوكة للإسلام كالأسير والتاجر في دار الحرب ومن أسلم هناك ولم يُهاجر.

  فرع: ولتعاضد المسلمين وتناصرهم وكونهم يداً على من سواهم كان الأمان من أدناهم حكماً على كلٍ منهم، كما نبه عليه الشارع⁣(⁣١) ولم يكن لبعضهم حَجْرُ بعض عن ذلك إلا الإمام فله الحجر؛ لمكان الولاية العامة، كما له فعل الأمان لغير معينين، وليس لغيره ذلك.

الكلام في إسقاط الحقوق

  لا بد أن يكون الحق المسقَط مما له ثبوت في الذمة، ثم إن كان ماضياً كان إبراء، وإن كان مستقبلاً كان إباحة، فهذان بابان، الأول:

باب الإبراء

  هو إسقاط حقٍ ثابتٍ في ذمة الغير فكل لفظ أفاد سقوطه فهو إبراء كأسقطت وأحللت وقطعت عنك الحق، وكذا أجَزْتُ بعد أن ذبح بهيمته أو أخرج زكاة ماله بغير إذنه، على ما مر أول الكتاب أنه إبراء من الضمان.

  فرع: فلكونه إسقاطاً صح معلقاً بالمستقبل ولم تلحقه الإجازة، وصح في المجهول، ولم يفتقر إلى قبول، وصح للمجهول نحو: أبرأت مَنْ سرقني، ومن


(١) عن علي # عن النبي ÷ قال: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده» أخرجه أبو داود (٤٥٣٠)، والنسائي (٤٧٣٤).