[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]
  فرع: ولكون فيها شائبةُ طلبٍ كانت حقاً على المدعى عليه فوجب عليه الإجابة، واشترط كون الشيء المدعى في يده أو ضمانِه، وقدمت على سائر حقوق الله على التفصيل المتقدم، وصح من المدعي إسقاطها والتوكيل باستيفائها، وورثت عنه، وكانت قسمتها بين الورثة بقسمة متعلقها حيث قبلت القسمة.
  فرع: ولكون شائبة الطلب غالبة لم تكن دعوى الوكيل إقراراً، وإنما كانت مبطلة لشهادته؛ لأنها تبطل بالشبهة.
  ولكونها غالبة أيضاً كانت كافية في طلب الحكم عند بعضهم.
  فرع: ولكونها على خلاف الأصل احتيج في تصحيحها إلى الحجة القوية وهي البينة؛ إذ لا ينتقل الشيء عن حكم أصله إلا بدليل، ولما كانت حجتها(١) بالنسبة إلى الحاكم قام مقامها علمه وكذا ظنه عند بعض أصحابنا، والأصح خلافه؛ إذ لا ينتقل عن الأصل بمجرد الظن الغير الناشئ عن حجة شرعية.
  فرع: ولكون الدعوى حقاً غير مقصود في نفسه بل المقصود هو متعلقها كان سببها هو ذلك المتعلق، ولم يصح إسقاطها قبله. فمن أبرأ غيره من دعوى ما سيثبت عليه في المستقبل ومن كل دعوى ثم ثبت له عليه حق، لم تسقط دعواه.
  فرع: ولكون المقصود هو المتعلق كما ذكرنا وقع الاشتباه(٢) في أن الإبراء من الدعوى إبراء من الحق الذي هو متعلقها أم لا. فمن أبرأ غيره من دعوى قرضٍ مثلاً ثم أقرَّ به المدعى عليه كان للمدعي أن يطالبه على الثاني دون الأول.
  فرع: وبهذا يُعْلَم الفرق بين إسقاط الدعوى وإسقاط المطالبة؛ إذ الدعوى طلب شغل الذمة، والمطالبة طالب(٣) تفريغها، وسبب الدعوى ثبوت الحق في نفس الأمر، وسبب المطالبة استمرار ثبوت الحق، ومن ثَمَّ صح أن يكون متعلق الدعوى سبب الحق كالبيع والقرض ونحوها، ومتعلق المطالبة تسليم الحق ليس
(١) في (أ) و (ج): «صحتها» تظنينًا.
(٢) في (ج): «اشتباه».
(٣) في (ج): «طلب».