معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 397 - الجزء 1

  فردَّها الغير، ثم ادعى المالك أنها غيرها، أو أنه بقي منها شيء، فيكون الأصل براءة ذمة الوديع بدفع دعوى المالك اتفاقاً، والقياس أن يكون مثبتاً للطلاق والعتق عندنا لا عند الحنفية.

فصل: [الحكم]

  وقريب من هذا النوع⁣(⁣١) الحكم: وهو تصيير الحكم الشرعي المتعلِّق به خصومة الغير قطعيَّ الحصول عن سببه، شُرع قطعاً للشجار، وصيانة للحقوق عن الضياع، ففيه حق لله تعالى وحق للمحكوم له.

  فرع: وهو إنشاء متعلق بخبرٍ، وجنبةُ الإنشاء غالبةٌ، فلذلك إذا انكشف بطلانه بفسق الشهود لم يكن إقراراً من الحاكم.

  فرع: ولكون فيه حق لله تعالى وجب على الحاكم، ولم يَجُزْ له أخذ الأجرة عليه، وكان ضمان خطئه على بيت المال، ولم يصح الرجوع عنه.

  وأما إذا أقرَّ ببطلانه لخطأ قطعي صح ذلك ما دام في الولاية، وليس ذلك رجوعاً.

  ولكونه حقاً للمحكوم له لم ينفذ إلا بطلبه على الأصح، وكان مترتباً على الدعوى.

  فرع: وعلم أنه لا يصح فيما لا خصام فيه كالعبادات، وأما الحكم بهلال رمضان فليس حكماً في التحقيق، وإنما هو فتوى، ولذلك لم يشترط له الولاية ولا النصب ولا لفظه اتفاقاً.

  فرع: ولما كان إنشاء متعلقاً بخبر كان مضمونُ ذلك الخبر هو حصول الحكم الشرعي عن سببه سواء كان الحكم بوقوع السبب، لكن لا بد من تقييده حينئذ بكونه مقيداً لحكمه نحو: حكمت بصدور البيع الصحيح أو الشرعي أو الموجب لحكمه أو نحو ذلك، أو كان حصول الحكم الذي هو المقصود إما


(١) يعني: النوع الثالث، وهو الدعوى.