معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الثاني: حقوق المخلوقين]

صفحة 398 - الجزء 1

  مطلقاً أو⁣(⁣١) مضافاً إلى سببه، لكن لا يضاف إلى سببه إلا إذا كانت الدعوى مشتملة على ذكر ذلك السبب.

  ولا يصح أن يكون الحكم بوقوع السبب غير مقيَّد بما يقتضي حصول حكمه منه؛ إذ ليس بأمرٍ شرعي حينئذ نحو: حكمت بصدور البيع أو النذر أو الطلاق؛ إذ قد يكون باطلاً أو موقوفاً أو مختلَفاً في إيجابه لحكمه.

  فرع: ولكون الحكم مُنْصَبّاً على حصول الحكم عن سببه ومصيِّراً له⁣(⁣٢) موجِباً له⁣(⁣٣) قطعاً في نفس الأمر كان الحكم ظاهراً فقط فيما قامت فيه شهادة كاذبة، كما أشار إليه الشارع⁣(⁣٤)، سواء كان ذلك السبب فعليّاً وهو محل اتفاق أو قوليّاً وقد خالف فيه الحنفية وبعض أصحابنا؛ لأن القول يحتمل النيابة، فيكون حكمه متضمناً لها حكماً.

  فرع: ولمصير ذلك الحكم الشرعي قطعياً لم تجز مخالفته لأحد من المجتهدين في عين تلك الحادثة، ولو خالف مذهبه، ولم تُسمَع بعده الدعوى إلا دعوى بطلان الحكم لمخالفة قاطع.

  فرع: ولما كان إنشاء متعلِّقاً بخبرٍ أشبه الشهادة، فاعتبرت فيه العدالة؛ لأنها معتبرة في سائر الأخبار وعدمُ التهمة، فلم يصح أن يحكم لنفسه وشريكه وعبده ولا على عدوه، واعتبر لفظه في الأصح.

  فرع: ولما كان شَرْعَ حكمٍ شرعي وهو مصير الظني من قبل سببه أو حجته قطعياً، يحرم على كل مجتهد مخالفته، لم يصح إلا من الأئمة؛ لأنهم خلفاء الشارع


(١) في (ج): «وإمَّا».

(٢) أي: السبب.

(٣) أي: الحكم.

(٤) عن أم سلمة عن النبي ÷ قال: «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليَّ ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار» أخرجه البخاري (٧١٦٩)، ومسلم (١٧١٣)، وأبو داود (٣٥٨٣).