الضرب الثاني: الأفعال
  أو المتولي منهم؛ لأنه نائب عنهم، لكن إذا عُدِموا جاز لأهل الصلاحية من سائر المسلمين للضرورة، وهذه المناسبة ملائمة لما اعتبره الشارع. فإن الزكاة إلى الأئمة وعند عدمهم يكون أمرها إلى أربابها، والنكاح إلى الولي وعند عدمه إلى سائر المسلمين لكن إلى الزوجة التعيين.
  فرع: ولكون الحاكم ملزماً غيره ما أراه الله كما أشار إليه الشارع(١)، لم يصح من غير المجتهد عند الأكثر؛ إذ لا مذهب للمقلد فَيُلْزِمُه غيرَه، وقد أجاز حكمه جماعة من العلماء، وهو متفرع على أن له مذهباً حصل عن اجتهاد وهو النظر في ترجيح الرجال، فلذلك صح عندهم أن يُفْتِي به غيره مطلقاً غير حاكٍ كالمجتهد، والأولون ينازعون في جميع ذلك.
  فرع: وقد علم أن الحكم الذي(٢) تعتبر فيه الشرائط المتقدمة لا يكون إلا فيما سببه ظني كطلاق البدعة والتطليقات الثلاث بلفظ واحد، أو حجته ظنية كالشاهد واليمين وكالنكول، وأما ما كان قطعياً فإنما هو إلزام من قبيل الأمر بالمعروف.
  فرع: ولما كان الحاكم نائباً عن الشارع كما ذكرنا صح نيابته عن الغائب والمتمرد، وصح منه الحجر: وهو منع نفوذ تصرف المالك في ملكه كما تقدم، وصح منه إيقاع الأحكام كالفسوخ ونحوها، وصح أن يحكم بنفوذ فعله فلا يُنْقض إلا بما تُنقض به الأحكام، وقبل الحكم هو معرض للنقض كتصرف غيره وبهذا فارق الشهادة فإنه لا يصح أن يشهد بفعله.
(١) بنحو قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ١٠٥}[النساء]، والحاكم قائم مقام الرسول ÷.
(٢) في (ج): «المعتبر».