معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 411 - الجزء 1

  نحوه كما في الخيار والشفعة، وصح منه إسقاطه، فتعود الإباحة الأصلية كاملة، ويملكه مَنْ أَخَذَه.

  فرع: ولكون الاصطياد سبباً للملك جرى مجرى صرائح الأقوال فلم يفتقر إلى النية.

  فمن حَفَرَ حفيراً لاستخراج شيء منه فوقع فيه صيد ملكه، وكذا مَنْ رمى أو نصب الشبكة أو أرسل الكلب غير قاصد للاصطياد، ملك ما أمسك، وكذا من وضع شبكته في الأرض فتعثر فيها الصيد فانجرح جَرْحاً مُثْخِناً.

  فرع: ولجَرْيِه مجرى السبب القولي اشترط فيه قصد الفعل، وإلا فكان كمن سبقه لسانه، فمن حفر السَّبُعُ في أرضه حفرة لم يملك ما انحاز فيها من الصيد، وكذا من حمل السبع أو الريح شبكته إلى أرض فوقع فيها الصيد، وكذا إذا انحبس الصيد في أرض رجلٍ لمرض أو جَرْحِ سَبُعٍ فهو في هذه باق على الإباحة، ومن ذلك لو ترمك⁣(⁣١) الصيد في مباح ثم أحياه بالبناء محيٍ، لم يملك الصيد؛ إذ لا فعل له في تصيده.

  فرع: وقد علم أن الصيد ملك لمستعمل الآلة لا لمالكها، فمن أعار غيره شبكة فنصبها أو كلباً فأرسله، ثم رجع المعير قبل الإمساك، فالصيد للمستعير، وإن تكرر ما لم ينقطع إرساله ونصبه بإضراب الكلب أو نقل الشبكة، وينعكس الحكم إن أعارهما بعد الإرسال والنصب، وإن باعهما بعد الإرسال والنصب فصادا قبل القبض كان الصيد له، وعليه الأجرة.

  فرع: ولما كان الإرسال والرمي سبباً لقتل الصيد في الغالب أقيما مقام التذكية على وجه الخلفية، بشرط إهراق الدم بحادٍّ خارقٍ؛ ليحصل مقصود الذبح، وهو تطييب اللحم.

  وللخلفية اشترط تعذر الأصل وهو الذبح، ووجبت النية وهي نية اصطياد ما جنسه يصطاد، كما هو قاعدة الخلفية.


(١) «رمك» أي: لبث بمكان. انظر مقاييس اللغة.