الضرب الثاني: الأفعال
  فرع: فقد علم أن ذلك من قبيل تخصيص العلة كتخصيص علة الربا بالعرايا(٣)، فيجعل عظم الحاجة إلى الماء والكلأ مانعاً من تأثيرها، ومن منع من تخصيص(١) العلة جعل عدم الحاجة جزءاً منها لا من تقديم العموم على القياس؛ إذ لا قياس على ما حققناه.
  وقد اعترض هذا أهل القول الأول بأنَّا نختار القسم الثاني، وقولكم: لا شِركة بعد الملك. إن أردتم الشركة التامة كالواقعة في المباح فمسلَّمٌ، ولسنا ندَّعي ذلك، وإن أردتم مطلق الشركة ولو من جهةٍ مّا فلا نسلم الإجماع على انتفائها هنا، فإنا مع قولنا بالملك نقول: إن لكل أحدٍ الشربَ له ولبهائمه والتطهرَ من الحدث والنجاسة، فالشركة من هذه الجهة باقية ومجامعة للملك، وهو مراد الحديث، فكان ما اخترناه عملاً بالنص والقياس، وهو أولى من رفض أحدهما.
  وجواب أهل القول الثاني عنه: أن يقولوا: المفهوم من الشركة عند الإطلاق هي الشركة التامة؛ إذ لو أُرِيد الشركة بوجهٍ مّا لم يكن لتخصيص الثلاثة بالذكر وجه؛ إذ لا تنعدم عن أكثر الأملاك كمن اضطر إلى مال غيره فإن له أخذه عند خشية التلف، ولكن لا يُسمَّى ذلك شركة.
  وأيضاً إثباتُ الملك مع جواز تناول الغير له على الحد الذي ذكرتم شيءٌ لم يعهد من جهة الشرع، بخلاف تخلُّفِ حكم العلة عنها فإنه معهود كثير فكان القول به أولى.
(١) في (ج): «مخصص».