الضرب الثاني: الأفعال
  فرع: فيملك الصبي ما اغترفه فيحرم استعماله، ولا يجزي التوضؤ به، فإن صبه على ماء آخر مباح فإن كان قليلاً بحيث لا يظن استعماله باستعمال المباح، لم يمنع من استعمال المباح واغترافه حتى يبقى قدر ذلك المصبوب.
  فرع: ويصير ذلك كمن ألقى تَمْرَةً لصبي بين تمرٍ كثير ولم يمكن تمييزها بعلم ولا ظن، فإنه يجوز استهلاكه حتى تبقى تمرة واحدة فقط يجوّز أنها تمرة الصبي، على ما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  ومنها: الاحتطاب والاحتشاش: وهو كالاغتراف ولا يمنع تعلُّق حق الغير بالماء والحطب والحشيش من تملكها، وإن لزم منه فوات الحق؛ لأجل النص المتقدم.
  فرع: والخلاف في الحشيش والحطب اللذين لا ينبتان عرفاً حيث نبتا بغير منبِّت كالخلاف في الماء؛ لدخولهما في الكلأ.
  فإن كانا مما يُنَبِّتُه الناس تَبِعَا الأرض؛ إذ ليسا بكلأ، والعبرة بعُرْف موضع نباتهما وبالغالب عند الاختلاف، وعند الاستواء يملكها(١) مالك الأرض؛ إذ الأصل اطراد العلة.
  وإن نبتا بتنبيت فهما ملك؛ إذ ليسا بكلأ حينئذ.
  ومنها: أخذ ما هو باق على أصل الإباحة من حجارة الأرض وترابها ومعادنها، وهو موجب للملك مطلقاً كما تقدم فيما قبله، إلا أنها إذا كانت في ملك الغير فقد ذهب كثيرون إلى أنها باقية على الإباحة مطلقاً؛ إذ لا فعل لمالك الأرض في تملكها، فهي كالصيد الذي أثخنه المرض أو السَّبُع على ما مر.
  وذهب جماعة إلى أنها تابعة للأرض مطلقاً في الملك وغيره؛ لاحتواء الأرض عليها.
  وفصَّل جماعة بين ما هو من جنس الأرض كالتراب والمعدن(٢) والصخور الثابتة، وبين ما ليس كذلك كالحجارة الملقاة ونحوها، فجعل الأول تابعاً؛ لأنه
(١) في (ج): يملكهما.
(٢) في (ج): «المعادن».