معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[المقدمة]

صفحة 44 - الجزء 1

  ثم اختلفوا فقال أبو حنيفة⁣(⁣١): هذا عامٌّ في كل ما اتخذوه شريعةً، وقال صاحباه⁣(⁣٢): بل إنما يكون ذلك فيما كان شريعةً أصليةً لهم، فلا يدخل نكاح المحارم الذي عليه المجوس وما تفرع عليه.

  والشافعي يخالف في جميع ذلك.

  فرع: فإذا مات الذمي وله وديعة أو دين عند مسلم وَجَبَ تسليمُه إلى وارثه عندنا على قوله⁣(⁣٣)، وإلى وارثه عندهم على قول الحنفية.

  وإذا أطعم مسلم ذمياً في نهار رمضان أَثِمَ عنده لا عندهم، وإذا ذبح مجوسيٌّ شاةَ آخر حكمنا بينهما بالقيمة عنده لا عندهم، وبالأرش عندهم، وإذا طلَّق الذميُّ زوجته على خمرٍ كان رجعياً عنده خُلْعاً عندهم، وإذا تزوجها على خمرٍ كانت التسمية باطلة عنده صحيحة عندهم.

  وإذا أَتْلَفَ خمرَ الذميِّ أو خنزيرَه مسلمٌ أو ذميٌّ كان ضامناً لهما عندهم لا عنده، وإذا غصب الذميُّ عصيراً على مسلم ثم اختمر عنده ثم صار خلاً لم يَعُدْ ملكُ المسلمِ فيه عندهم لا عنده، وإذا أوصى الذمي لمسجد ونحوه مما لا قربة فيه عندهم لم يصح عند الحنفية والقياس أن يصح عند الشافعي، وقد ذكره بعض أصحابنا، ولكنيسةٍ ونحوها بالعكس، لكن لا يتعرض لهم اتفاقاً.


(١) النعمان بن ثابت التيمي بالولاء، فقيه العراق، أبو حنيفة إمام المذهب الحنفي، كان يبيع الخز ويطلب العلم حتى صار المشار إليه، وكان من المناصرين لأئمة أهل البيت $، روى الذهبي أن والده جاء إلى علي # فدعا له بالبركة في ذريته، فكان أبو حنيفة. وتوفي ببغداد سنة ١٥٠ هـ مسموماً وأخباره كثيرة. انظر عنه: سير أعلام النبلاء، الحدائق الوردية، وطبقات الحنفية، وغيرها.

(٢) وهما: محمد بن الحسن الشيباني كان فقيهاً أصولياً، توفي بالري سنة ١٨٩ هـ، وله مصنفات منها (السير) و (الجامع الكبير) وغيرهما. ويعقوب بن إبراهيم الأنصاري الكوفي أبو يوسف، كان فقيهاً محدثاً ولي القضاء ببغداد، وهو أول من دعي قاضي القضاة وأول من وضع الكتب في أصول الفقه على مذهب أبي حنيفة، وتوفي سنة ١٨٢ هـ. انظر الأعلام.

(٣) أي: الشافعي.