معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 68 - الجزء 1

  وهذا الوجه⁣(⁣١) هو الأولى لانتقاض الأول⁣(⁣٢) بمَنْ يصلي ركعتين مطلقاً يعني لما سيُعَيِّنُهُ من نذرٍ أو غيرِهِ، فليس له تصييرهما⁣(⁣٣) عن نذر أو نحوه.

  مسألة: فإن وقع من فاعل العبادة تغيير للنية في أثنائها فهي على ثلاثة أضرب: رفضٌ وقطعٌ وصرفٌ.

  الضرب الأول: الرفض، ولا حكم له في العبادات كلها؛ إذ لا سبيل إلى إبطال الفعل بعد استكماله لشرائط الصحة، فإن صحب الرفضَ ندمٌ على فعله على الصفة المذكورة فإن ثوابه يبطل كالنَّدمِ على المعصية؛ إذ هو بذل الجهد في التلافي.

  فإن قيل: قد ذهب جماعة من أكابر العلماء إلى صحة رفض العبادة لإعادتها على صفة أفضل من صفتها الأولى كما في صفة المنفرد، ومن نسي القنوت في الفجر، فما وجهه؟

  قلنا: قد وُجِّهَ كلامُهم بأنَّ المكلَّف مأمورٌ بأن يأتيَ بالعبادة على الوجه الأفضل، فإذا جاء بها على الوجه المفضول كان كالمشروط في نفس الأمر بأن لا يفعل الأفضل، فمتى فعله انكشف أن الأول غير الفرض فيكون نفلاً ولذلك لا تُرْتَفَضُ إلا بأفضل منها.

  فرع: وبهذا يُعلم أنه يقع الرفض بتمام الأخرى صحيحة لا بالابتداء كما ذكره بعضهم، وأن نيَّة الرَّفض ليست أمراً زائداً على نيَّة فرضية الأخرى.

  الضرب الثاني: القطعُ، وهو: أن ينويَ فاعلُ العبادة أنه قد قَطَعَها من غيرِ أن يفعل شيئاً، فهذا أيضاً لا حكم له عندنا فيبقى حكمُ النيَّة الأول مستَصْحَباً؛ إذ لم يطرأ عليها ما يرفعها. وقال الشافعي: إنها تنقطع بذلك.

  الضرب الثالث: الصَّرفُ، نحو: أن ينويَ أن الفعلَ من عبادةٍ أخرى أو من


(١) وهو قوله: على أن هذه النية. حاشية على (أ).

(٢) وهو قوله: قلنا: لما شرع فيها ناوياً. حاشية في (أ).

(٣) في (ب، ج): «أن يصيرهما».