معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

الضرب الثاني: الأفعال

صفحة 84 - الجزء 1

  المزيل للنجاسة متنجساً نجاسة⁣(⁣١) غليظة كنجاسة المحل لمصير تلك النجاسة إليه والمحل طاهر.

  وعلى القول الثاني ذهبت بالتدريج فيصير الماء الأول متنجساً نجاسة⁣(⁣٢) دون نجاسة المحل، فإذا تنجس به شيء كفاه غسلتان، ويصير الماء الثاني دونه فيكفي ما تنجس به غسلة واحدة، ويصير الثالث طاهراً والمحل كالماء في الثلاثة الأحوال؛ لأن الماء منفصل عنه فلا يختلف حكمها⁣(⁣٣).

  فإن قيل: كيف يكون المحل طاهراً على القول الأول وقد لاقى الماء وهو متنجس؟ وكيف يكون الماء الثالث طاهراً على القول الثاني وقد لاقى نجاسة المحل؟

  قلنا: الطهارة فيهما⁣(⁣٤) حكمية صِيْرَ إليها للضرورة؛ إذ لا تكليف بما ليس في الوسع وقد أقيم تبدُّدها على القول الثاني مقام زوالها.

  فرع: فالمتنجس من المياه على القول الأول: هو ما استعملت النجاسة باستعماله؛ لأنه لم يحكم إلا بنجاسة الماء الأول الذي خالطته النجاسة.

  وعلى الثاني هو مجاورا⁣(⁣٥) النجاسة الأول والثاني، وعلى الأول لا تَفَاضُلَ لنجاسة المياه بعضها على بعض، وعلى الثاني هي متفاضلة بعضُها أغلظُ من بعض كما ذكرنا.

  فرع: إذا وقعت نجاسة مرئية في ماء قليل فعلى الأول يحكم بطهارة ما لم تخالطه النجاسة، وعلى الثاني بطهارة ما عدا المجاورين. وإن كانت غير مرئية فعلى الأول يحكم بطهارة ما لم يظنَّ استعمال النجاسة باستعماله وهو يختلف باختلاف الأحوال، وعلى الثاني قد التبس المجاور بغيره فيجب هَجْرُهُ حتى يبلغ


(١) في (ب، ج): «بنجاسة».

(٢) في (ب، ج): «بنجاسة».

(٣) في (ب، ج): «حكمهما».

(٤) في (ج): فيها.

(٥) في (ب، ج): مجاور.