معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 85 - الجزء 1

  في الكثرة حداً لا يحمل خبثاً بإشارة الشارع⁣(⁣١).

فصل: والاستجمار

  نوع من التطهير إلا أنه مُقَلِّلٌ للنجاسة لا مزيل لها، وهو حكم شرعي مشروع اتفاقاً، استحباباً أو وجوباً على الخلاف، ويتفقون على الوجوب عند عدم الماء. وفيه شائبة عبادة، ومن ثَمَّ شُرِع فيه التثليثُ ولو حصل التنقية بدونها، ولم يَجُزْ ولا يجزئ بما له حرمة، وبالنجس ولو أنقى، ولم يسقط بالتجفيف ونحوه بل يجب بعده إمرارُ الأحجار، لكن تلك الشائبة ضعيفة فلم تمنع منها المعصية، ومن ثم أجزأ بالمغصوب ولو حَرُمَ.

  وإنما لم يجزئ في النجس وما له حرمة لأن منشأ التحريم أمرٌ يرجع إلى ذاتهما، بخلاف المغصوب لا مطلق التحريم.

باب التطهر من الحدثين

  الحدثُ والتطهر منه حكمان شرعيَّان اتفاقاً، ومن ثَمَّ اشترط خصوص الماء واعتبر التثليث وشرعت النية.

  والحدث سببُ وجوبِ التطهير، والقيام إلى الصلاة شرطٌ، وقيل بالعكس وهو يلزم أن لا يصح التطهر قبل دخول وقت الصلاة، وأن تجب إعادته لكل صلاة، وقد التزمه بعضهم في الوضوء.

  ويلزم [على⁣(⁣٢)] الأول أن يتعدَّد الوضوء بتعدُّد الأحداث؛ لوجوب تعدد الحكم بتعدد الأسباب، ويجاب بأن السبب الأحد الدائر⁣(⁣٣) وهو مُتَّحِدٌ.


(١) بمثل حديث ابن عمر: أن النبي ÷ سئل عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب، فقال رسول الله: «إذا كان الماء قُلَّتين لم ينجسه شيء» أخرجه ابن حبان في صحيحه (١٢٥٣)، وابن عدي في الكامل. وبمثل حديث أبي سعيد الخدري في بئر بضاعة: حيث توضأ رسول الله ÷ منها فقيل له: أتتوضأ منها وهي بئر تلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن؟ فقال: «الماء طهور لا ينجسه شيء». أخرجه أبو داود (٦٦)، والنسائي (٣٢٦)، وأحمد في المسند (١١٢٧٥).

(٢) زيادة في (ب).

(٣) هو أن يتعلق الحكم بواحد مبهم من أمور معينة، ويعبر عنه الأصوليون تارة بالأحد الدائر بينها، وتارة بواحد لا بعينه، وتارة بالقدر المشترك. انظر الروضة لابن قدامة.