معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 89 - الجزء 1

  الحدث، ويعضد الثاني الاتفاق في الطهارة الكبرى.

  فرع: فإذا تيقن الوضوء والحدث والتبس المتقدم، فعلى الأول الأصل بقاء الوضوء، وعلى الثاني الأصل بقاء الحدث.

  فرع: وإذا وُجِدَ حدثٌ في أثناء الوضوء فعلى الأول يبطل ما قد فعل؛ لأن مبطل الكل مبطل للبعض، وعلى الثاني لا يبطل لأن الوضوء إنما رفع الحدث عند تمامه فالحدث الأول باقٍ في أثناء الوضوء، وترتفع الأحداث كلها بالتمام.

  وقد عرف أن ما تقدم في كلام الحنفية من تشبيه الحدث بالجنب⁣(⁣١) إنما يأتي على القول الثاني كما هو مذهبهم لا على القول الأول؛ لما ذكرنا في بيان ماهيَّته.

فصل: [في التيمم]

  والتيمم نوع من التطهير بحقِّ الخَلَفية فاستعمال التراب عندنا خَلَفٌ عن استعمال الماء، ومِنْ ثَمَّ لم يُجْزِئ إلا عند تعذر الأصل وهو استعمال الماء غسلاً ومسحاً.

  وإنما يعلم تعذره بخشية فوت الوقت، فلم يُجْزئ التيمم قبله، وقد أجاز بعضهم التيمم عند اليأس من استعمال الماء ولو في أول الوقت؛ لحصول التعذر حينئذ.

  وقالت الحنفية: التطهر بالتراب لا وجود له حساً ولا عقلاً؛ فلا يكون خَلَفاً عن التطهير بالماء الذي هو معقول، بل التراب خَلَف عن الماء فيكون المتيمم كأنه متوضئ فله أن يصلي أول الوقت وأن يصلي بالتيمم الواحد صلوات كثيرة؛ لأنه رافع للحدث حقيقة فلا يجب عليه إعادة إذا وجد الماء في الوقت وصلح إماماً للمتوضئ.

  ولما كان كل من التطهيرين عندنا غير معقول جعلنا الخلفية بينهما فانعكست تلك الأحكام.

  فرع: ولما كانت الخلافة ضرورية لم تكن إلا في الحكم الذي يُضْطر إليه وهو تصحيح الصلاة ونحوه لا في رفع الحدث؛ إذ ليس مقصوداً أصليّاً بشرعية⁣(⁣٢)


(١) في (ج): «بالخبث».

(٢) في (ج): «كشرعية». تظنيناً.