معيار أغوار الأفهام في الكشف عن مناسبات الأحكام،

عبد الله بن محمد النجري (المتوفى: 877 هـ)

[القسم الأول: حقوق الله تعالى]

صفحة 97 - الجزء 1

  فرع: وقد علم أيضاً أن اليسير معفوٌّ ولو كان معصية؛ إذ ليس من الصلاة فصح مصاحبته لها إلا حيث كان ناقصاً، وفسادها حينئذ لبطلان شرطها لا للفعل؛ إذ اليسير عفوٌ على أيِّ وَجْهٍ وَقَعَ.

  فرع: ولما كانت المصلحة متعلقة بجملة الصلاة وهي مجموع مركب من تلك الأفعال الواقعة على شرائط مخصوصة كانت في حكم فعل واحد، ففسدت كلها بفساد أيِّ جزء منها، وعلى ذلك لا يجوز للمجتهد أن يذهب في بعض أفعالها أو شرائطها إلى مذهب، وفي بعضها إلى مذهب آخر على وجه تكون الصلاة به باطلة بالإجماع، نحو: أن يرى جواز التوضؤ من القُلَّتَيْن، وعدم فرضيَّة الاعتدال فإنه يكون حاكماً في الصلاة بحكم خارق للإجماع؛ إذ هي فاسدة على كل قول، وهكذا حكم المقلد أيضاً.

باب سجود السهو

  شُرِعَ جبراً لنقصان مصلحة الصلاة التي شُرعتْ لأجلها، وهي اللطفية لا جبراً لثوابها كما زعم بعضهم؛ إذ لا يجب طلب النفع، ولأن ترك مسنون واحد وترك جميع المسنونات سواءٌ في إيجاب السجود مع تفاوت ما فات من الثواب.

  فرع: ولما كان سببه نقصانَ الصلاة لم يكن إلا بزيادة أو نقصان.

  فالأول: إما من جنس ما شرع فيها فيشترط كونه في غير موضعه، أو من غير جنسه فيشترط كونه غيرَ مفسد، ولا بُدَّ من كونه زائداً على ما هو من طبيعة الحيوان كرفع بصره وتحريك أنملته؛ لتعذر الاحتراز عادة، ولأنها ترك الهيئات، إذ تسكين الأعضاء من الهيئة.

  والثاني: أن لا يكون ترك فرضٍ؛ لأنه مفسد، ولا ترك هيئةٍ لاتساعها؛ فيؤدي إلى الحرج، بل ترك مسنون.

  وتحقيقه: أن المسنونات شُرعت⁣(⁣١) لمصلحتين:


(١) في (ب، ج): «وضعت».