[القسم الأول: حقوق الله تعالى]
  إحداهما: التسهيل وهو حاصل في كل فرد منها غير مقيد بانضمام الآخر إليه.
  وثانيهما: تكميلُ لطفِ الصلاة التي شُرعت له، وهو حاصلٌ في المجموع منها، فمتى فات المجموع بفوات شيء من أجزائه أو بفواتها الكلِّ تعيَّن البدل وهو السجود لسَدِّهِ مسدَّ المجموع في تكميل المصلحة إلا أن في المجموع مصلحة أخرى وهي التسهيل في الأفراد ولذلك إذا فات بعض السُّنَنِ وجب البدل مع بقاء البعض الآخر على السُّنية.
  فرع: ومن هاهنا يعلم أن بين مجموع المسنونات وبين السجود شِبْهَ وجوب التجبير إلا أن فعل المجموع أرجح للمصلحة الأخرى التي في أفراده، وأنه لا يفعل السجود إلا بعد فوت المجموع؛ ولذلك كان السجود بدلاً.
  وربُّما استبعد بعضُهم كونَ مجموع المسنونات واجبةً في الأصل؛ للتنافي بين الوجوب والسُّنِّيَّة ولا وَجْهَ له بعد معرفة المصلحتين اللتين هما وجها الوجوب والسُّنية.
  ثم كيف استبعد ذلك ولم يستبعد كون الواجب بدلاً عن النافلة، وكون فعل النافلة آكد وأولى من فعل الواجب؟! على أنَّا لم نثبت له حقيقة الوجوب في الحال بل قلنا: هو واجب في الأصل؛ لوجود سببه وهو المثول في ذلك المقام الذي يحقُّ له استكمال الآداب، ثم رُخِّصَ فيه بالعدول إلى بدله كما رُخِّصَ للمسافر الإفطار عدولاً إلى بدله وهو القضاء، ومتى أَخَلَّ به عُوقبَ على القضاء فقط لا على الإفطار، كذلك هنا.
  فرع: ولما كان السجود بدلاً عن المجموع لم يجب إلا عند تيقُّنِ تركِهِ، فأما عند ظنِّ تركه أو الشكِّ فيه فكذا(١) إن عملنا بالأصل الثاني وهو عدم فعله لا إن عملنا بالأصل الأول وهو عدم الوجوب.
(١) أي: يجب السجود عند ظن الترك أو الشك فيه كما يجب عند التيقن للترك، والله أعلم. حاشية في (ب).