[القرءان مخلوق]
باب الأصل السادس في معرفة كتب الله ø
  ثم لا بد من الإيمان بكتب الله ø، ولا سبيل إلى الإيمان بها إلا بعد معرفتها، ومعرفتها: أن تعلم أنها محدثة كائنة بعد أن لم تكن، وقولنا: كلام الله، كقولنا: سماء الله، وأرض الله، وعبيد الله، إذ لا فاعل لذلك كله غير الله ø. ألا ترى أنك تقول: دار زيد، وغلام زيد، وكلام زيد، إذ لا فاعل للكلام غيره، ولا مالك للدار والغلام غيره، وكذلك كلما كان الله سبحانه وتعالى مالكا للسماء والأرض والعبيد وما بينهما نسبت إليه، كذلك كتبه هي كلامه، كما تقول: كلام عمر، وكتاب عمر، والكتاب غير من نسب إليه، والكلام غير المتكلم، فكل ما فعله الله فهو مخلوق وإن اختلفت صفاته، جماد وحيوان، وكلام وكتاب.
[القرءان مخلوق]
  فمن قال: إن مع الله ø قديما غيره فقد كفر، ومن شبَّهه بالعباد فقد فجر، والدلالة على ذلك من القرءان من بعد ما بان لك من جهة العقل، وهو قوله سبحانه: {ما يَأتيهِم مِن ذِكرٍ مِن رَبِّهِم مُحدَثٍ إِلَّا استَمَعوهُ وَهُم يَلعَبونَ}[الأنبياء: ٢]، وقال: {وَما يَأتيهِم مِن ذِكرٍ مِنَ الرَّحمنِ مُحدَثٍ إِلّا كانوا عَنهُ مُعرِضينَ}[الشعراء: ٥].
  والمحدث ما كان بعد أن لم يكن، فقد تقدم وصفه، وقال سبحانه: {إِنّا أَنزَلناهُ قُرآنًا عَرَبِيًّا}[يوسف: ٢، الزخرف: ٣]، وقال: {وَجَعَلنَا اللَّيلَ وَالنَّهارَ آيَتَينِ}[الإسراء: ١٢]، فلم يفرق بينهما، أنهما مخلوقان، إذ كانا لله فعلين