[البدا]
  مخلوقين وإن اختلفا. وقال: {إِنّا أَنزَلناهُ في لَيلَةِ القَدرِ}[القدر: ١]، وقال: {وَأَنزَلنَا الحَديدَ فيهِ بَأسٌ شَديدٌ}[الحديد: ٢٥]، وقال: {وَأَنزَلَ لَكُم مِنَ الأَنعامِ ثَمانِيَةَ أَزواجٍ}[الزمر: ٦]، فلم يفرق بين الكلام وهو القرءان، ولا بين الجماد وهو الحديد، وبين الحيوان وهو النعم، أن سماها كله أنها منزلة، لما كانت مفعولة مخلوقة، كانت بعد أن لم تكن، هذا صفات الخلق، وليس يجوز أن يوصف الله سبحانه بصفات خلقه، فمتى عرفت ذلك آمنت بجميع كتب الله كلها، وعلمت أن كل كتاب أنزل على قوم في وقت إنما كان مصلحة لهم.
  آخر الكتب القرءان الذي سماه فرقانا، فرق به بين الحق والباطل، وبين من كذب على الأنبياء الماضين $ وبين من صدَّق، وأنه خاتم النبئين ورسولنا محمد صلى الله وآله وسلم خاتم المرسلين، فإنه ما نزل كتاب ولا جاء رسول إلى الناس كافة، إلا رسولنا وكتابنا، وإن اختلاف الشرائع على حسب المصالح.
[البدا]
  وأمر بني إسرآئيل بإمساك السبت والصلاة إلى بيت المقدس، وغير ذلك مما لم يأمرنا به، وعدل بنا عنه إلى الكعبة، إنما فعله مصلحة للعباد، على حسب ما يكون موجب صلاحهم، لأنه العالم بهم وليس يمنعهم على ما أصلح للعباد، فيجب أن يُطاع في أمره ونهيه، ألا ترى أن كل مالك إذا أمر ونهى قوما بشيء فاستمروا وفعلوه، ثم نهاهم عن مثله، أن ذلك ليس بقبيح ولا بَدَا، وإنما ذلك مصلحة، كالطبيب الذي يقول: افصد اليوم، ثم يقول في غد: لا تفصد، فما أمرك به أمس هو غير ما نهاك عنه اليوم، الذي مضى أمس كان مصلحة.