مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب شريعة الحكم

صفحة 243 - الجزء 1

  وفرقنا بين علم الباطن وعلم الظاهر، فذلك معنى قول علي بن أبي طالب ¥: «فمن فهم» فسر جمل العلم، وأهل الفهم هم أهل زهرة العلم، وهم الخلفاء من أهل بيته، المعبرون عن آياته وبيناته.

باب شريعة الحكم

  وهي الشعبة الثالثة من العدل.

  قال علي بن أبي طالب ¥: «ومن علم عرف شريعة الحكم»، يريد بذلك: من علم زهرة العلم دلَّه ذلك على شرائع الحكم، وكان حاكما بالعدل لغيره، مثل حكمه لنفسه، وهو إصابة الحق في الحكم، فلا يجاوز به حكم الله وحكم رسوله.

  وقال: «إن شريعة الحكم لها أول وآخر، أولها إنصاف الخلق في الحكم، وهو التسوية بينهم في الغضب والرضا، وآخرها الاجتهاد في إعطاء صواب الحق من نفسه»، يريد بذلك: الحكم لله ولرسوله، فلا يجاور من ذلك ما أُمر به بعد يقين منه للزوم ما حكم به، وأنه حكم الله وحكم رسوله، فإذا أصاب ذلك وأقامه في حدوده لم يتجاوز قدره بميل إلى هوى ولا إيثار لدنيا، وكان من الصفوة صفوة الرسول وذريته، وكان من الذين قال الله فيهم: {وَإِن حَكَمتَ فَاحكُم بَينَهُم بِالقِسطِ}⁣[المائدة: ٤٢]، وكان من الذين قال الله: {كونوا قَوّامينَ بِالقِسطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَو عَلى أَنفُسِكُم}⁣[النساء: ١٣٥]، وقال لداود #: {وَلا تَتَّبِعِ الهَوى فَيُضِلَّكَ عَن سَبيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذينَ يَضِلّونَ عَن سَبيلِ اللَّهِ لَهُم عَذابٌ شَديدٌ}⁣[ص: ٢٦]، وقوله تعالى: {وَداوودَ وَسُلَيمانَ إِذ يَحكُمانِ فِي الحَرثِ إِذ نَفَشَت فيهِ غَنَمُ القَومِ وَكُنّا