[هجرة الأنبياء $]
  الله: كذبتم، ولكنهم قالوا: {أَلَم تَكُن أَرضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِروا فيها}[النساء: ٩٧]، فاحتجت ملائكة الله على المتوفين الذين ساكنوا العاصين، بما كانوا مستضعفين وعليه قادرين من الهجرة عن العصاة في أرض الله الواسعة، وأن يكونوا لهم غير مجاورين، قال الله أحكم الحاكمين: {فَأُولئِكَ مَأواهُم جَهَنَّمُ وَساءَت مَصيرًا}[النساء: ٩٧]، وقال تبارك وتعالى منبها دالا لعباده المؤمنين على مجانبة العاصين، وأن يكونوا في بلاده الواسعة لعبادته معتزلين متوحدين: {يَا عِبادِيَ الَّذينَ آمَنوا إِنَّ أَرضي واسِعَةٌ فَإِيّايَ فَاعبُدونِ}[العنكبوت: ٥٦].
[هجرة الأنبياء $]
  فلم تزل الأنبياء والصالحون منذ كانت الدنيا إذا بلغوا رسالات ربهم قومهم فلم يتوبوا من خطاياهم يهاجرون عنهم ويتنحون.
[هجرة إبراهيم]
  فذكر الله عن خليله إبراهيم ورسوله، وإبراهيم في كرامته على الله وقدره عند الله، وهو يذكر سبحانه مهاجرته من مدن قومه وقراهم، إذ أبوا عليه ما بعثه الله به إليهم مما فيه رشدهم وهداهم، لأنه صلى الله عليه وآله لما أيس منهم، هاجر إليه تبارك وتعالى عنهم، فلما رءاهم مقيمين على الأمر المذموم عند الله المسخوط، وآمن له ابن أخيه لوط، قال إبراهيم #: {إِنّي مُهاجِرٌ إِلى رَبّي إِنَّهُ هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ}[العنكبوت: ٢٦]، وكانت هجرته صلى الله عليه وآله هو ولوط ابن أخيه إلى البادية والجبال، لا إلى ما يجمع الناس ويضمهم من المدن والقرى، التي تورث الغفلة لمن فيها ويأوي إليها من أهل الضلالات والجهل والمعاصي والخبال. فهاجر بنفسه وابن أخيه وسارة زوجته ومماليكه، ومن يجري حكمه عليه، حتى نزل بالبادية من جبل بيت المقدس،