[هجرة الإمام القاسم الرسي]
  آبائكم وسلفكم وأولكم، في ترك المدن والقرى ومجاورة أهلها، والتنحي إلى البادية والاعتزال عن سفاف القرى وغوغائها وسلفها.
[هجرة الإمام القاسم الرسي]
  فأقرب مَن به في ذلك تقتدون، وبفعله في الهجرة عن أهل القرى والمدن تأنسون، جدكم الأقرب أبي وأبوكم القسم بن إبراهيم ¥ ورحمه، وقبل عزلته وهجرته منه، وقد كان رحمة الله عليه زمانا طويلا من عمره بالمدن مدن الحجاز ومدينة مصر ساكنا، داعيا إلى طاعة الله، فلما لم ير في أهل القرى والمدن إلى طاعة الله ربه وحقه ومرضاته مستجيبا، ولم ير فيها إلا غرقا في الجهل والمعاصي لا تائبا إلى ربه ولا منيبا، ورأى القرى والمدن أصل كل منكر وضلال، وتجمع الفجار والفساق والأرذال الدناة والأفسال.
  تبرأ إلى الله منهم، وهاجر إلى البادية والجبال عنهم، فوفقه الله للصواب في ذلك وأرشده، وأراه له الخيرة في الدنيا دنياه وأسعده، فخلا بنفسه وأهله وولده، وجرى حكمه عليهم وعلى من تحت يده، فصار - نظرا واختيارا، بعد أن أحاط بالمدن والقرى وأهلها اختبارا - إلى بادية المدينة وجبالها، وتنحى عن المدينة وأهلها، وحل في جبل من باديتها، يسمى: (قُدْساً) فكان به حينا وكُنا به معه أطفالا صغارا، لا نعاين فسقا ولا فجورا ولا منكرا.
  ثم انتقل إلى (وادي الرس) وجباله، فكان خاليا فيه بولده وعياله، ما أمرنا فيه من أمر أطعناه، وما عرَّفنا في الدين من حق أو قول في الهدى والصواب قبلناه.