مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[التوبة من الغيبة ونحوها]

صفحة 43 - الجزء 1

  عفا عنه فذلك إليه، وإن كانت جراحات قد بَرِأ أصحابها منها، ولم يكن أمكنهم من القصاص من نفسه، فلم يعلم مقدارها للبرء فلا قصاص، لأنه لا يعلم قدر ذلك.

  وعليه أرش الجراحات، فإن مات أصحابها دفع ذلك إلى ورثتهم الذين يقومون بذلك، فإن كان لا يعرف أصحاب الحقوق ولا ورثتهم، دفع ذلك القدر إلى المساكين إن قدر على ذلك، وما كان من الجراحات مما لا قصاص فيه مما يكون فيه حكومةُ عدل، دفع ذلك إلى أصحابه إن كانوا أحياء، أو إلى ورثتهم إن كانوا موتى، فإن لم يعرفهم ولا ورثتهم دفع ذلك إلى المساكين.

  وكذلك في كفارة الخطأ فليفعل كما أمر الله سبحانه في كتابه، وكذلك في كفارة الظهار فمن لم يقدر على ذلك، فالتوبة على ما أمر الله.

  وأما ما كان من ضرب أو لطم مما لا يمكن القصاص فيه، فالتوبة منه الاستغفار والندم، وأن لا يعود إلى مثله أبدا، وأن يرضي أصحابه إن عرفهم، أو يتحللهم.

[التوبة من الغيبة ونحوها]

  وأما ما كان من ظلم الناس من نحو اغتياب وتجسيس وسوء ظن، وسعاية إلى ظالم، أو كذب على أحد، فالتوبة إلى الله تعالى من ذلك أن لا يعود إلى مثله أبدا، ويتحلل من ذلك ممن فعله به، فإنه أحسن وأفضل، فإن لم يمكنه التحلل ولم يفعله رجونا أن لا يضره ذلك.

  وكذلك إن أساء إلى مماليكه في مطعم أو ملبس مما لا يحل له أن يفعله بهم، أو عاقبهم عقوبة أسرف فيها، أو شتمهم بما لا يحل له، فليتب إلى الله جل ثناؤه، وأن يتحلل مماليكه، فهو أحسن وأشبه بالتواضع والخضوع لله.