مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

[الطاعة والمعصية فعل للعبد]

صفحة 28 - الجزء 1

[الطاعة والمعصية فعل للعبد]

  والدليل على أنهم إنما فعلوا ما فعلوا من طاعة أو معصية بأهوائهم وإرادتهم، قوله ø: {فَما لَهُم لا يُؤمِنونَ}⁣[الانشقاق: ٢٠]، {وَماذا عَلَيهِم لَو آمَنوا بِاللَّهِ}⁣[النساء: ٣٩]. ولو كان الله ø الفاعل لأعمالهم لم يخاطبهم ولم يلمهم على تقصيرهم، ولم يمدحهم على ما كان من حسن أعمالهم، كما لم يخاطب المرضى فيقول: لِمَ مرضتم؟ ولم يخاطب العميان فيقول: لِم عميتم؟ ولم يخاطب الموتى فيقول: لِم متم؟ ولم يعاتبهم على ما لم يفعلوا من خلقهم فيقول: لم طُلتم ولم قَصُرتم؟

[المعاصي ليست بقضاء الله وقدره]

  والدليل على [أن] المعاصي ليست بقضائه ولا قدره، ما أنزل الله في كتابه من ذكر قضائه بالحق، وأمره بالعدل، وتعبُّده عباده بالرضى بقضائه وقدره، وإجماع الأُمة كلها أن الله سبحانه لم يقض الجور والباطل، ولم يكن منه الظلم، وأنهم راضون بقضاء الله، منقادون لما أراد الله، وإذا نزلت بهم الحوادث من الأسقام والمصائب والموت التي هي من قِبَل الله قالوا: هذا بقضاء الله، رضينا وسلَّمنا، فلا يسخط ذلك منهم أحد، ولا ينكر منهم منكر، وإن سخطه ساخط كان عندهم من الكافرين.

  فإذا ظهرت فيهم الفواحش، وانتهكت المحارم، كانوا لها كارهين، وعلى مَن فعلها زارين، ولهم معافيس يتسترون منهم، ويلعنونهم بذنوبهم وأعمالهم، وهذا دليل على أن ذلك ليس من قضائه ولا قدره، وذلك لأنه