[المحكم والمتشابه]
[أول الواجبات معرفة الله]
  إن أول ما يجب علينا معرفة صانعنا جل وعز، ومعرفة كتبه ورسله، والأئمة الصادقين من بعده، وصفة من آمن به وصد عنه، لنعرف كل ذي صفة بما يستحقه فنؤمن به كما أحب، ونتبع أمره كما ندب.
  وأنا - بعون الله - مبتدي من ذلك بما بدأ الله به، وأختصر وأودع في كتابي هذا ما يتنفع به في الدين، ويكون سببا إلى معرفة المحقين، ومنار الصالحين، إن شاء الله تعالى، ليكون أصلا لا ترد عليك شبهة إلا عرفتها، ولا مذهب مخالف للحق إلا عرضته على الأصول التي ارتضيتها لصحتها، وبطلان ما يرد مما هو ضد لها، لأن الحق والباطل لا يجتمعان، فإذا صحت الأصول، بانت لك طرق الأصول، فكنت قادرا على التزيد إليها من كل محصول، وصارت معرفتك بها وقاية، ولك من حيل المحتالين، وتلبيس المخالفين، الذين شأنهم الترؤس على عباد الله أجمعين، فكلما فهمت من ذلك أصلا نظرت دلالته من القرءان، وكان مفتاحا لك إلى تنويره، لأنه من الله الحكمة البالغة، فيه النجاة وفيه الهداية، فلا تزال إذا فعلت ذلك مستفيدا منه ما لم تكن تعلمه، ومطلعا على ما لم تكن تفهمه، يتمكن ما في يدك ويدحض ما كان في يد غيرك، فأعنه بتفهُّم وتبصُّر، وتوقّف وتفكّر، وردّ ما التبس عليك منه إلى ما اتضح لك من محكَمه.
[المحكم والمتشابه]
  فإن المحكم ما كان تأويله وظاهره مسموعا معلوما به المراد، لا يحتاج إلى تفسير ولا له سوى تنزيله تأويل.