مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

كتاب الأصول التسعة

صفحة 77 - الجزء 1

كتاب الأصول التسعة

   وبه نستعين

  الحمد لله المتفضل الكريم، المنعم على عباده بالابتداء لخلقهم، المحسن إلى خلقه، الدال على معرفته بصنعه، الممكِّن لمن كلفه بكمال آلته، وصحة عقله، وتركيب قوته، وبيان حجته، المحتج على من خالفه ببراهين العقول والتنزيل والرسول، وإجماع العلماء ذوي التحصيل، العارفون بالدقيق والجليل، الذي لم يخلقنا عبثا، ولم يتركنا سدى أصح العقول، وأرسل الرسول، وأزاح علة كل جهول، الواحد القديم، الأول الحكيم، القادر العليم، الدائم الحي الموجود، العزيز السميع البصير، الغني الخبير، المتفضل بكل صنع، المستدل عليه بما أظهر من الآيات والفعل، والصنع البديع من مخترعات فعله، من سمائه وأرضه وما بينهما، والليل والنهار وما شاركهما، وكل محدث بعد أن لم يكن فهو محدِثه صنعه كله، تجوز عليه الزيادة والنقصان، وهو القديم فلا يجوز عليه التغيير ولا الحدثان، لا يَحِل ولا يُحَل، الخالق للمحل والمكان، الموجد للأشياء، الذي لم يزل، والكائن بلا أول، أقال العثرة، وبذل التوبة، ودعا إلى الإنابة، وقَبِل ذوي الطاعة، وتابع النعم، وأزال النقم، ولم يعجل بالعقوبة وأمر بالتنصل والندم، ليعود سبحانه على عباده بالتفضل والكرم، خفف المحن، وامتنَّ فأحسن، وأعطى فأكرم، ولطف فأنعم، حذر من العاجلة، وأبان زوالها بكل دلالة، وندب إلى الآجلة بكل علامة، وأظهر حججها بكل إنارة، {لِيَهلِكَ مَن هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحيى مَن حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَميعٌ عَليمٌ}⁣[الأنفال: ٤٢].