باب موعظة العبرة
  وقال للعلماء: «تواضعوا لمن تعلمونه العلم، وتعلموا للعلم السكينة والوقار والحلم، ولا تعلم الحكمة غير أهلها فتكون طالما لحكمة»، كما قال عيسى #: «لا تمنعوا الحكمة أهلها فتظلموها»، وهو من رواية ابن عباس عن النبي # قال: «ألا أن عيسى قام في بني إسرائيل خطيبا فقال: يا بني إسرائيل لا تكلموا بالحكمة عند الجهال فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم»، هذا الرجل الحكيم القلب واللسان، فهو يعبر حكمة قلبه بلسانه، فهذا إمام في الحكمة وقائد العلم والحجة لله في أرضه، وسراج يضيء بنور الحكمة لأهل الجهالة، وهو الذي قال الله سبحانه: {وَما يُلَقّاها إِلَّا الَّذينَ صَبَروا وَما يُلَقّاها إِلّا ذو حَظٍّ عَظيمٍ}[فصلت: ٣٥].
  والرجل الآخر حكيم القلب يعمل بحكمة، لم يفلح يفتح له المنطق بالحكمة وهو يفهم الحكمة بقلبه إذا سمعها ويعمل بها، فهذا رجل منفعته لا تعدى نفسه، وإنما ينفع أهل الإرادة بإرادته وما ظهر من فعله، وأما الداعي لهم فقد نفعهم بما قد ظهر من فعله وإرادته، وبما أبان من حجة ربه، ونبه عليه من باطن حكمته، وهي منازل الأنبياء والصديقين $، وأهل العلم بالله لا يرضون لأنفسهم دون هذه المنزلة.
باب موعظة العبرة
  وهي الشعبة الثالثة من اليقين.