مجموع كتب ورسائل الإمام محمد بن القاسم الرسي،

محمد بن القاسم الرسي (المتوفى: 284 هـ)

باب النهي عن المنكر

صفحة 287 - الجزء 1

  ظهورهم، وأعانوهم على أداء فرائضهم، وجعلوا لهم السبيل إلى رضوان ربهم، ودلوهم على منهاج نبيهم #، وذلك كله من النصح له ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، فذلك معنى قول علي بن أبي طالب ¥: «فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن

  ». وقد فسرنا [ه] والحمد لله، وإياه نسأل التوفيق، وبالله نستعين، وسنفسر باب النهي عن المنكر ولا قوة إلا بالله.

باب النهي عن المنكر

  وهو الكلام عن الشعبة الثانية من الجهاد، والنهي عن المنكر هو بغض العبد لكل معصية، ونهيه عن كل إثم، وذلك فرض على جميع المسلمين أن يمنعوا المعاصي وأهلها وينهوا عنها، بطاقتهم وجهادهم، لأن الله أبغضها ونهى عنها، فمن وافق الله في محبته في بغض المعاصي وأهلها، ونهى عنها وغضب على أهلها بغضب الله عليهم، فقد أدى ما يجب عليه في كراهة ما كره الله، وبقدر معرفة العبد بما يجب لله على خلقه، وعظيم ما ارتكبوا من معصيته، يكون نهيه عن المنكر، وإذا علت درجة العبد ورسخ يقينه كان أشد إنكارا للمعاصي وما أشبهها، وإذا ضعفت معرفته ضعف نكرانه على قدره، والإنكار على قدر ضعف العبد وقوته، وعلى قدر علمه وبصيرته، وعلى قدر إجلال الله في قلبه وكبره.

  فالنهي فرض على كل مسلم على قدر طاقته، واتساع علمه، ورسوخ بصيرته في نفسه وغيره، وقد بين الله ذلك بقوله: {كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ تَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ ...}⁣[آل عمران: ١١٠] الآية، فقرن الأمر والنهي في الإيمان بالله تأكيدا لفرضه، وقال تعالى فيما حكى عن