[معجزات الأنبياء مما نبغ فيه قومهم]
  فآمن من أنصف وكان يلتمس الحق، وخالف من تَعَجْرَف وطلب الترؤس. فتبتت حجته على الناس، فمن أطاعه في وقته سلم وغنم، ومن خالفه هلك وندم.
  قيل لهم: هذا مع اختلاف أوصاف معجزاته لم يُعتبر بذلك، لأنها مشتركة في أنها مخترَعة، خارجة عن العادة، متحدى بها.
  فإن قالوا: نعم.
[معجزات الأنبياء مما نبغ فيه قومهم]
  قيل لهم: فما أنكرتم على عيسى ومحمد @، وقد جاء عيسى إلى أهل زمانه، وكانوا يترأسون بالطب والفلسفة، فجاءهم بما شاكل فعلهم، فتحداهم فعجزوا، كإحياء الموتى بإذنه وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك، فأجابه المحق، وعدل عنه المنافق.
  وكذلك محمد ÷، أتى العرب وكانوا في زمانهم وإلى وقتنا هذا يفتخرون بالشعر والسجع، والخطب والرجز، والنثر من الكلام، ويترأسون به، ولم يكونوا أهل طب ولا سحر، فجاء بما شاكل ما يفتخرون به، وهو القرءان المعجز في نَظْمِه وإخباره بما يكون، وكان أميا، نشأ بين ظهرانيهم فعجزوا، فأجابه المحق، وعدل عنه المبطل.
  فليس مخالفته # لعيسى # في صفات المعجزات، بأكثر من خلاف معجزات موسى # بعضها لبعض، ولن يمنع ذلك أن يكون ما كان له معجزا مشتركا فيه. كذلك لا يمنع ما جاء به محمد وعيسى @ أن يكون صحيحا، وإن اختلفت الأوصاف للمشاركة في المعنى، وإنما أوجب خلافَ صفاتها اختلافُ أوقاتها، ووجوبُ المصلحة فيها، لأن كل وقت غير الوقت الآخر، وألسنتهم مختلفة، وطبائعهم مختلفة،