(سورة يس)
  ثم أخبر بهوان شأن الخيل وهي من كريم ما آتاه الله من الملك وجماله، وآلته وفضله، فذكر عرضه لها بالعشي، والصافنات من الخيل: القيام الكرام التوآم، في القَوَم والطول والأجسام، وكان سليمان صلى الله عليه يذكر الله سبحانه قبل غروب الشمس في كل عشية، ويسبحه قبل تواريها بالحجاب، فلما عرضت عليه الخيل الصافنات الجياد بالعشي تشاغل بها، وبكثرة ما عرض عليه منها، وكان بهذا إعجاب، حتى توارت الشمس غاربة في الحجاب، بنظره إليها حتى فاته ما كان أعز وآثر، وأكرم من أمر الدنيا وما فيها، من ذكر ربه وتسبيحه، والإقبال على ذلك دون غيره، فاغتم صلى الله عليه، عند فوات ذلك له، وعلم أن العارض له دونه الإعجاب بالخيل، فأراد أن يؤدب نفسه ويعاقبها، بإتلاف ما أعجبها وشغلها، عما هو أعظم نفعاً لها من تلك الخيل، فأمر بردها وإحضار كلما عرض عليه منها، ثم أمر بمسح أعناقها قتلا بالسيوف، وسوقها: عرقلته لعراقيبها، ليعلم الناس أنه فضَّل تسبيح الله وذِكْرَه، وآثر طاعته وأَمْرَه، على ما يؤثرون من محبوب دنياهم، وأن ذلك لا يساوي أكبر كبيرة وأكبر ما يعظمون من عظمته شيئا من ذكر ربهم، وطاعة مولاهم، وأراد تأديب نفسه إذ غفل ساعة واحدة بالخيل عن ذكر ربه.
(ومن سورة حم عسق)
  قوله ø: {وَمَا اختَلَفتُم فيهِ مِن شَيءٍ فَحُكمُهُ إِلَى اللَّهِ}.
  قال محمد بن القاسم بن إبراهيم ¥: نعم، الله الحاكم فيه عليكم، والفاصل فيه بينكم، فيما اختلفتم فيه حَكَمْتُ، وما لم يأمرني أن أحكم فيه بينكم لم أحكم وأمسكت، وما لم أجر الحكم فيه بينكم إلى يوم القيامة كان مؤخراً حتى يحكم فيه سبحانه يوم البعث وفصل الحكومة.
(سورة يس)