باب الصبر على الطاعة
  أبدا، فمات في ليلته فأصبح مكتوبا على بابه: إن الله قد غفر للكفل».
  فذلك معنى قول علي بن أبي طالب #: «من أشفق من النار رجع عن المحرمات»، يعني: من خاف عقوبة ربه على المعصية صبر على تركها، ورجع إلى التوبة، فإذا كان كذلك فهو راجع عن المحرمات.
باب الصبر على الطاعة
  وهو الوجه الثاني، والصبر على الطاعة أن يكون العبد [شغوفا] بالطاعة ويرغب فيها وبها، ويعلم أن الله وعد عليها الثواب، وكل عامل إنما يعمل في ثواب قد أُعِدَّ له، وتقدر معرفته بالثواب بصبر [ه] على الطاعة، ويرغب في ثوابها، فإذا كان كثير المعرفة بالثواب دامت طاعته، واجتهد في الازدياد فيها، ومالت عنه الفترة والملالة، وصبر على المشقة والشدة في طول المجاهدة، حتى يصير إلى درجة الطمأنينة وخفة المكابدة، والتنعم بالطاعة بعد شدة المجاهدة، فإذا وصل إلى ذلك شاهد الثواب بقلبه كأنه رأي عين، فعند ذلك ينعم بالطاعة ويتلذذ بمشقتها على بدنه، وأورثه حب التنعم بالطاعة الاجتهاد في دونها، وصارت له عادة حتى كأنه لا مجاهدة عليه لما سهل عليه من مجاهدتها، فصارت العادة كأنها خلق من أخلاقه لا يملها ولا يفتر عنها، ويرى النقصان في الغفلة، وذلك أن العادة تقوم مقام الطبيعة لدوام العادة وخفة المكابدة، فذلت النفس وأجابت إلى دوام الطاعة بعد الصعوبة، وانقادت بعد عصيان، وتلكئ وشدة المحنة فعتقوا من رِقِّ النفوس ومن