[معاني القضاء]
  فلما كان حكيما كانت أفعاله حكمة، لم يُسأل عنها لأنها صواب، وإن عرفنا بعضها وجهلنا بعضها، فعلينا أن نؤمن بكلها رضىً بفعله وثقة به، لأنه حكيم عدل، والحكيم العدل لا يفعل سفها ولا ظلما، ولا سيما وهو العزيز الغني: {فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحسَنُ الخالِقينَ}[المؤمنون: ١٤]، ونحن نُسأل عن أفعالنا فنثاب على الحسن والصحيح، ونعاقب على الفساد والقبيح.
  فافهم هذا الفصل، فإن فيه أيضا دلالة على بطلان قول المجبرة، الذين يقولون: إن الله سبحانه يقضي بالفساد.
[معاني القضاء]
  والقضاء على وجوه أربعة:
  قضاء حتم وخلق، وهو قوله تعالى: {فَقَضاهُنَّ سَبعَ سَماواتٍ في يَومَينِ}[فصلت: ١٢]، أي: فعلهن حتما، فكل خلقٍ خلقه مثل هذا كان حتما.
  وقضاء علم، وهو قوله: {وَقَضَينا إِلى بَني إِسرائيلَ فِي الكِتابِ لَتُفسِدُنَّ فِي الأَرضِ مَرَّتَينِ}[الإسراء: ٤]، معناه: علمنا بني إسرائيل أنهم يفسدون في المستقبل.
  وقضاء أمر، وهو قوله: {وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ}[الإسراء: ٢٣]، أي: أمر.
  وقضاء نهي، لأنه نهى ألا يعبدوا سواه، وأمر بعبادته، لأن معنى قضى، أمر أن لا يعبدوا، فعرف من ذلك.
[معاني القدر]
  والقدر على وجهين:
  تقدير الخلق.